قبل فترة راسلتني احدى الاخوات تستشيرني في مشكلة تواجهها، في البداية لم اكن اعرفها، لكنها وضّحت لي بأنها قرأت بعض مقالاتي في المنتديات وتشجعت لعرض مشكلتها.
رغم مرور اشهر على عرضها هذه المشكلة، لكنني اذكرها تماما، وهو امر لا يتكرر معي 😊 فكثيرا ما تردني مشاكل من القارئات وانساها، ثم تعود القارئة لتتابع توابع مشكلتها بعد وصلة انقطاع تستغرق اشهر، معتقدة انني سأذكر جميع تفاصيل حياتها😰
الغريب في مشكلة هذه الاخت.. انني حقا اذكرها بتفاصيل لا بأس بها، والسبب الوحيد في ذلك هو اسلوبها الادبي الرائع، وتنظيم الافكار، وطريقة الحوار، التي توحي بشخصية متماسكة جديرة بالتقدير والاحترام.
حقيقة لقد اثار اعجابي كل حرف كتبته، بطريقة “تفتح النفس”، وشجعني على الرد عليها بأحسن منها، وكنتُ طوال مراسلاتي معها اتشمم عبق نعيم الفكر والحكمة والتحليل المنطقي😊 ، وأسعد بتواصل راق لاول مرة من قارئة تعرض مشكلتها بهذا الاسلوب الادبي الجميل. شعرت بانني لن اضيف شيئا لها، فهي حكيمة تعرف طريقها، وتعرف كيفية التواصل مع مشكلاتها، فقط تحتاج للمشورة وبعض التوجيه.
وعلى النقيض، ومن الناحية الاخرى والجانب الاخر من الكوكب، وصلتني مشكلة من اخت اخرى، لا استطيع ان اصفها سوى بانها سلطة فكرية وقد لا ابالغ 😏
لقد كانت مشكلتها مكونة من فقرة طويلة واحدة، تمتليء بتفاصيل لم أعرف بدايتها من نهايتها، مليئة بالمشاكل المتلاحقة التي لا علاقة ببعضها سوى انها بطلتها، واخذت تسرد وتسرد وتسرد، حتى كدتُ اشعر بانفاسها المتلاحقة وهي تحاول ان تحشر اكبر قدر من المعلومات في رسالة مشكلتها، وشعرت وكأن صحنا من سلطة الكلمات قد قذف على وجهي 😨
هل كانت تبحث عن حل؟ حقيقة لازلت اتساءل! فلربما كان الامر مجرد فضفضة وفشة خلق لا اكثر، ولربما كانت تظن ان معي عصا موسى، بحيث ان ردي لها سيحمل الحل الناجع والاكيد لهذا الكم من المشاكل المتأصلة في جذورها من يوم ولدتها امها!!
لا اذكر ماذا كان ردي لها، ولكنني بالتأكيد طلبت منها ان تراجع نفسها، وتحاول تطوير شخصيتها وتحسينها، بأسلوب بسيط ومهذب، في محاولة يائسة لارسال رسالة ما بين السطور مفادها انك بحاجة للنظر ابعد من مشاكلك مع صحون السلطة والشوربة، وهي رسالة اشك في انها استطاعت استيعابها بدليل انني لم اتلق منها ردا حتى اليوم..
حقيقة كان هناك بونا شاسعا بين القارئتين وطريقة تفكيرهما، وكان ذلك واضحا ينعكس كالمرآة على اسلوب كتابتهما وطرحهما لمشاكلهما..
الاولى كانت تعتبر مشكلتها هدية ربانية.. تستطيع ان تصقل بها نفسها لتصبح افضل وتمضي قدما
والثانية كانت تعتبرها كيس قمامة.. تطالبني ان أعيد تدويره واحوله الى واحة غناء برسالة الكترونية!!
ان اكبر مشكلة تواجهنا حينما يطلب احد منا المشورة هي: هل حقا نريد التغيير؟ هل حقا نعترف بأن هناك خطأ ما يتعلق بشخصنا وطريقة تفكيرنا.. واننا بحاجة الى مراجعة للذات؟
للاسف.. فالكثير من مشاكل القارئات التي واجهتني تعترف بأن كل العالم حولها اخرق الا هي! وانها بذلت جهودا مستميتة لاصلاح الكون، في حين انها مسكينة لم تقترف ذنبا تستحق به هذا الجحيم الذي يعاملها به كل من يسكن هذا الكون!
ان الفرق بين صاحبة المشكلة الاولى والثانية ليس صحن سلطة او شوربة، ليس طريقة الكتابة وتنسيق الكلمات وعلامات الترقيم، فالامر اعمق من ذلك بكثير، لان ما نقوله.. وما نكتبه.. وما نفعله.. يعكس تماما ما نفكر به وما نحمله من معتقدات وقناعات.
صاحبة المشكلة الاولى كانت تعرف بأن لديها مشكلة، وهي تبحث عن حل لها، وتريد ان تقوم بالتغيير اللازم الذي يتطلب منها جسديا ونفسيا وعقليا لتحصل على النتائج التي تريدها، في حين أن صاحبة المشكلة الثانية كانت تعرف بأن لديها مشكلة، لكنها مشكلة لا تتعلق بها من قريب ولا من بعيد، انها مشكلة زوجها واهل زوجها واولادها وجاراتها وبقال حيّها وبواب عمارتها وجميع من صادفتهم في حياتها، لكن حاش لله ان يكون الذنب ذنبها او الخطأ خطؤها!!!
من الصعب فعلا ان نعترف بأخطائنا، من الصعب ان نقول بأننا غير كاملين، وان لدينا نواقص وبعض البراغي التي تحتاج التفكيك واعادة تركيب، فهذا يجعلنا عرضة للهجوم وعرضة للنصائح والوصايا العشر، لاننا عندها سنُجبر على القيام بتغييرات تنقلنا من مناطق دعتنا وراحتنا، الى مناطق الكفاح والنضال والتغيير الحقيقي!
ان اعترافي واعترافك بأن اول طريق للاصلاح يبدأ ها هنا.. من انفسنا وعقولنا اولا.. يعني اننا على بداية الطريق الصحيح . وما عدا ذلك فهو ضحك على الذقون.. ومضيعة للعمر!
يذكرني كل هذا بمشكلة شائعة جدا بين الزوجات وطرقهن الطريفة في تأديب ازواجهن ، راسلتني بها احدى الاخوات، التي استغرقها الامر عدة شهور لتستوعب ان المشكلة فيها وليست في زوجها، ورغم طلبها المشورة مرة اخرى، اعتقدَت اني ابالغ فيما اطلبه منها. لتعود وتدور في نفس صحن شوربتها مرة اخرى!
ولكن.. ربما في تدوينة اخرى
أروع يوم لقارئات استروجينات 😍
أسعدك المولى أستاذتي.. إن من البيان لسحراً.. عندما كنت أصغر سناً كنت أعشق الإستماع للشيخ علي الطنطاوي رحمه الله رغم استطراداته ورغم أني لم أكن أعي الكثير مماكان بقوله لحداثة… اقرئي المزيد »
ان اعترافي واعترافك بأن اول طريق للاصلاح يبدأ ها هنا.. من انفسنا وعقولنا اولا.. يعني اننا على بداية الطريق الصحيح . وما عدا ذلك فهو ضحك على الذقون.. ومضيعة للعمر!… اقرئي المزيد »
ومبدعة في اضافتك الثرية يا درب.. لا حرمنا الله منك ومن اضافاتك :heart:
طالما تساءلت .. لأي مدى ممكن أن تعبر النصوص المكتوبة عن صاحبتها ؟! هل من الممكن أن تجسد لنا الشخصية فعلا بفكرها الواقعي وتعكس دواخلها الحقيقية ؟ أم قد تهضم… اقرئي المزيد »
بعض الناس لا تستطيع التعبير شفاهة كما تعبر كتابة والعكس صحيح.. لكن في كلا الحالتين.. يمكنك ان تستشفي طريقة التفكير يا اميرة.. وهذه حقيقة.. فهناك علم قراءة الجسد.. وعلم قراءة… اقرئي المزيد »
تلك هي انماط الكثير في هذه الحياة في النقاش والتوهم بمعالجه الامور وبالاخير نرى انها اصبحت سلطة كلمات لحيز غير مضمون استوقفني كثير ذلك العنوان خلفه الكثير من معاني كامنه… اقرئي المزيد »
هلا غاليتي وكل الشكر على تعقيبك
فعلا الكثير من الناس خلف عقولهم يكمن خليط من النظام.. او السلطة!
قمة الروعة
سلمت يمينك
:wub:
🙂
اسعد الله مساء صاحبة المكان الرائع هنا وصاحبة الحرف الامين .. :heart: سلطة كلمات أم سلطة حياة .. تذكرت هذه المقولة.. أنا استطيع فليس غيري أفضل مني فالكل متساوي ولكن… اقرئي المزيد »
اسعد صباحك غاليتي منى..
امين.. وكل الشكر على تعقيبك :biggrin:
قلة من الناس من يعترف بخطأه ويبادر بتغير نفسه قبل أن يغير بالغير وتناسوا قوله الكريم : ان الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم . Just keep it simple… اقرئي المزيد »
الشكر لك غاليتي مريم على مداخلتك :heart:
ابارك لك غاليتي خلود هذه الخطوة الرائعهـ .. وهذه المدونة الأكثر من كونها متميزة ومتفردهـ.. فعلا هي سلطة حياة تلك التي نعيشها احيانا باللا وعي!! كثير هم امثال اختنا في… اقرئي المزيد »
اهلا بالغالية الاستاذة اريج الطيب..
نورت استروجينات واستهلت :biggrin:
كل الشكر على مداخلتك غاليتي.. وان شاء الله تجدين ما يشرح صدرك :heart:
شهيتيني بصحن سلطة :tongue: لدي مثل أردده في عقلي دائما سأكتبه لاحقا..طبعا كلما جائتني فكرة أنني على صواب و الكل على خطأ :biggrin: أقول لنفسي ..مهلا يا عالية ..لست كااااملة… اقرئي المزيد »
صحيح..
نحن بحاجة دائما الى “فرامل” لايقاف هوس الكمال المخدوعين به في انفسنا..
اعجبتني الجملة.. Imprefection is Perfect
:happy:
نعم وكما يقال(( جيتي على الجرح)) سهل جدا ان تعرف انك في مشكله لكن الصعب هو ان تعلم انك انت سببها وان بيدك وربما وحدك احيانا يكون حلها… اسئل الله… اقرئي المزيد »
اللهم امين 🙂
ماشاء الله تبارك الرحمن مدونة جميلة و تدوينات أجمل 🙂
بحكم كوني غير متزوجه هل أنت فقط متخصصه بالإستشارات الزوجيه فقط أو لكل شئ :blush:
و شكراً جزيلاً لك
هلا غاليتي..
المدونة موجهة لكل انثى.. وهناك تدوينات قادمة خاصة بالفتيات غير المتزوجات باذن الله تعالى..
يهمني كثيرا مخاطبة كافة الشرائح النسائية وانتِ منهن :happy:
كل ماحاولت ان اكتب مايجو ل في نفسي
تهرب مني الكلمات :unsure:
لست املك ان اقول سوى موفقه عزيزتي :heart:
تكفيني والله هذه الدعوة..
ادعو لك بمثلها يا غالية :heart:
أيعلم الأخرون أن للكلمات غرائز تُستثار كما فعلتِ يا خلود ! ملائكيه جدا تلك الأشياء التي جمعتها في حسبتك وأثارت بصدورنا ما طال إختباؤه .. جِأتي بـ أشياء كم كنا… اقرئي المزيد »
تعبيراتك هي الصادقة.. ومشبعة باسلوبك المتميز الذي احبه..
اتمنى ان يسعني الوقت لاكتب عنك وعن مدونتك..
حتى وان اعتزلتِ الفن :tongue: