٣. إصري على كايزن | يوميات حب XL

(كايزن : فلسفة يابانية تعني التحسين المستمر والتغيير للأفضل في جميع نواحي الحياة)

يومياتي 🌟 :

أواخر عام 2011

جلستُ على المكتب، أحدّق في الحائط المقابل بجمود.. كانت هذه الوظيفة التي صارعتُ كثيراً للحصول عليها، دعوتُ الله كثيراً لقبولي فيها، راتب سخي، دوام مريح، عدم اختلاط، أستطيع التوفيق بين بيتي وعملي، و…

لكني جلستُ أحدّق في الحائط.. وصقيع من خيبة الأمل يزحف إلى قلبي، ما الذي فعلتُه بحق نفسي؟؟ أليست هذه الوظيفة كسابقتها؟ أليست مكتبية، روتينية، مملة؟؟

أين أنا؟ لماذا تقدمتُ للعمل في هذا المكان من الأساس؟ بعد 5 أو 10 أعوام من الآن.. أين سأكون؟

أمواج الندم تلاطمت على شواطئ عقلي .. يا إلهي.. ماذا فعلت بنفسي؟  😖

مرت الأيام والأسابيع التالية كئيبة جاثمة، مجيئي هنا كان من أجل التغيير، كنتُ أصارع لهذا التغيير، وعندما صرتُ هنا، في قلب الحلم الذي طالما أردته أن يتحقق، انقلب الحلم الى كابوس، لسبب بسيط، أنني سأرتع فيه كما أنا لعشرات أعوام قادمة بلا تغيير!

بدأ حلم متابعة الدراسة يتسلل الى يومياتي ويدغدغ مشاعري، وكل يوم أصل فيه المكتب، أتخيل نفسي أصل لمقاعد الدراسة، كنتُ أصحو وأنام على ذلك الأمل، بأنني أستطيع يوما متابعة دراستي بالحجاب، في بلد.. يُمنع فيه الحجاب في كل الاماكن الحكومية!

كنتُ أشعر بحرقة داخلية تشتعل في جميع خلايا جسدي، بأن علي أن أتغير، أن أبذل جهودا خرافية، كي لا أجد نفسي في نفس دائرة الراحة ذاتها بعد سنوات من الآن، أريد خيارات لا محدودة، محيطا أزرق أمامي، بكامل زرقته وصفائه، أكتشف فيه ما أريد، ابحر فيه كما أحب، أتقدم فيه كما أشاء، أصنع فيه الامكانيات والفرص والسوق التي أريدها أنا، وليس غيري!!!

قررتُ التغيير، وانتقل القرار الى الفعل، تحدثتُ مع كل زميلاتي بالعمل حول قراري، كانت شهقات الدهشة والاستنكار العامل المشترك، انتِ؟ لماذا؟ بعد هذا العمر؟ مع هؤلاء الاولاد؟ لديكِ وظيفة يحلم بها الكثيرون بالخارج! لا ترفسي النعمة!! ستتخرجين لتعودي وتبحثي عن وظيفة مماثلة.. ما حاجتك لكل هذا؟؟؟

لم يكن لأحد أن يفهم السبب الذي دفعني لاتخاذ هذا القرار، رغم ذلك الكم الهائل من السلبية حولي، والرغبة العارمة من الجميع في تثبيطي بمكاني، داخل دائرة الراحة خاصتي، إلا أن الدافع الذي كان يغمر عقلي وقلبي أقوى من ذلك بكثير، لم أكن أريد لخلود أن تبقى كما هي، خلود، بعد عشرة اعوام، بعد عشرين عاما، بعد خمسين عاما من الان…..

إذا كان الأفضلُ ممكناً.. فالجيد ليس كافياً

اتصلتُ بشؤون التسجيل في الجامعة، أجابتني الموظفة هناك، سألتُها عن متطلبات التسجيل، صمت قصير تخلل المحادثة، ثم سألتني: هل تقدمتِ للتسجيل ضمن قانون العفو؟

أنا : نعم يختي؟ أي عفو؟ 😨

خلال العام الذي لم أتابع فيه الاخبار التركية المحلية، فاتني خبر استمر لمدة 6 شهور، ولم يجهل به القاصي والداني في أنحاء تركيا (ما عداي على ما يبدو)، قانون عفو عام، شمل جميع الطلبة والطالبات الذين تركوا مقاعد الدراسة لأي سبب كان، وكان أغلب المقصودين بهذا القانون في ظل حكومة حزب العدالة والتنمية، هم الطلبة والطالبات الأتراك الذين حرموا من الدراسة بسبب اللحية والحجاب.

متى انتهى موعد التقديم للقانون؟ قبل شهر من الآن  😟

أنا: لا.. لم أتقدم للتسجيل ضمن ذلك القانون!

المسؤولة ببرود: معذرة ولكنك تحتاجين لدخول امتحان القبول في الجامعات، مثل بقية الطلبة الأتراك!

اقشعر جسدي من تخيل السيناريو، امتحان الأتراك؟ وجال بخاطري مئات الآلاف من الطلبة الأتراك، الذين يتلاحمون في صراع أزلي للحصول على مقاعد الدراسة، أغلبهم يفشلون في تخطي الامتحان عاما بعد عام، رغم الجهود الخرافية التي يبذلونها ابتداء من الصفوف المتوسطة، والمعاهد التي ينفقون أموال أهلهم عليها، لأجل أمل تخطي الامتحان التعجيزي، والالتحاق بإحدى الجامعات التركية الحكومية!

أغلقتُ السماعة، وقلبي يتحسر.. آه.. لو كان لي علم بقانون العفو  🙁

وصارعتُ الأمل، وصارعني، اتصلتُ بأكثر من جهة، تجادلتُ مع أكثر من مسؤول….. وواجهتني الاجابة ذاتها، بدون قانون العفو، لا مجال لعودتك دون التقدم للامتحان من الصفر، واذا كان حظك خياليا، قد تُقبلين في نفس جامعتك مرة أخرى!!!

هل صارت الدراسة مسموحة بالحجاب؟ لا.. ليس بعد!

هل من مجال لخروج قانون عفو آخر؟ امممم.. ربما بعد 15 او 16 عاما آخرى..

هل هناك من أمل لنجاحي في امتحان لا أفقه فيه شيئا؟ اممممم.. ربما بعد عامين او ثلاثة أعوام من الكدح والدراسة الجبارة!!

طيب.. هل هناك أي ضمان بأنني اذا نجحت في الامتحان.. ان احصل على الكلية التي اريدها؟ ههههه.. السؤال نفسه مضحك!

آه.. لو كان لي علم بالعفو  😔

لكني.. وازنتُ بين المدتين.. 15 عاما؟؟ او عامين او ثلاثة؟؟؟

إذا كان الأفضل ممكناً.. فالجيد ليس كافياً

اخترتُ العامين او الثلاثة…

وكان هذا هو الجنون بحد ذاته  😃

– يتبع  😌 –

يومياتك 🌟 :

1. اقرئي دفتر انجازاتك لعام 2014. اغلقي عينيكِ.. اشعري بالروعة في أعماقك، وابتسمي من كل قلبك  🙂

نعم، هناك انجازات ناقصة، ستعملين على اكمالها هذا العام، او ربما العام الذي يليه، لا عليكِ.. ستعرفين أي انجاز يستحق منكِ ان تلاحقيه وتكمليه حتى النهاية لهذا العام 😃

1. اقرئي دفتر تسويقك لنفسك، كم صفة ومؤهل استطعتِ جمعها؟؟ 30؟ 50؟ ممتاز، رائع، هل كنتِ تعرفين أنكِ تشكّلين هذه الكتلة الرائعة من المؤهلات والمواصفات الشخصية؟؟ اعيدي القراءة، أرجوك… ابتسمي من أعماق قلبك.. لا أحد يستطيع توظيفك في هذا العالم سواكِ انتِ.. وانتِ فقط.. انتِ المدير الحقيقي.. تذكري ذلك دائما!!

2. اختاري صفة أو صفتين اثنتين من الصفات الجميلة التي تمتلكينهما وسجّلتهما في كتيب تسويقك. حددتِ الصفتين؟ جميل. الآن.. ما رأيك فيهما؟ هل تعتقدين أنه بإمكانك تحسينهما بنسبة بسيطة لنقل 20 او 30 بالمئة؟ هل بإمكانك الانتقال من المستوى 1 الى المستوى 2 او 3 في هاتين الصفتين؟ ممتاز. طيب هل بإمكانك البدء اليوم على تحسين نفسك فقط في هاتين الصفتين الجميلتين وحتى 10 أيام قادمة؟ رائع! هذا ما تريدينه أنتِ بالضبط!

3. اختاري مؤهلاً واحدا.. او مؤهلين اثنين من المؤهلات الرائعة التي كتبتِها في كتيّب التسويق. الآن.. ما رأيك بالعمل على تحسينهما لمستويات أعلى؟؟ لا لا.. لا نريد قفزات خارقة.. فقط تحسين بسيط.. مستمر.. يومي.. لمستوى واحد للأعلى.. هذا كل شيء . حددي أنتِ الكيفية التي تريدينها، وانطلقي للتحسين البسيط اليومي المستمر. استمري في ذلك حتى نهاية الأيام العشرة القادمة 😃

4. أنتِ تمتلكين إنجازات رائعة.. وحدثت لكِ امور رائعة، تذكري ذلك. لديكِ صفات ومؤهلات تؤهلك للعمل في أي وظيفة تريدينها، أو أي وظيفة تريدين اختلاقها لنفسك.. لا تنسي ذلك. ويمكنك، دائما وأبدا.. أن تتنافسي مع نفسك، لتكوني “أنتِ” أفضل، بالتركيز والتحسين المستمر لما “تمتلكينه” بالفعل. رددي دائما ذلك.

5. تعالي.. افتحي قلبك… شاركينا مشاعرك.. اختياراتك الحالية للتحسين المستمر (كايزن)، او تجاربك السابقة في التحسين المستمر، وأثرها على نفسك.. وحبك لذاتك 👌🏻

https://soundcloud.com/estrogenat/x006