١٠. الكمال في النقصان | يوميات حب XL

يومياتي 🌟 :

عندما كنتُ صغيرة في المدرسة، أذكر انني عدتُ الى أمي أبكي يوما، لأنني أخذت في امتحان اللغة العربية 14,5 من 15.. وجلستُ أولول وأبكي بين يديها نصف ساعة على نصف الدرجة التي أنقصتني إياها المعلمة، وأنني كنتُ لأستحق الدرجة الكاملة!!

كبرت.. ودخلتُ الجامعة، وكان من أكبر أولوياتي، حصولي على الدرجات الكاملة. كنتُ اتابع المحاضرات، وآخذ الملاحظات بدقة بالغة. لم أحاول التعرف على أي من طلبة او طالبات دفعتي، في الواقع لم يكن يهمني على الاطلاق، كنتُ حريصة على الحضور وتسجيل المحاضرة، ثم الهرولة الى البيت للدراسة. وأذكر يوما أن احدهم طلب مني دفتر ملاحظاتي ليأخذ منه نسخة، كان دفتري نموذجا مثاليا بالطبع بالنسبة للآخرين، فنظرتُ إليه شزراً، بما يعني أنني اتعب وابذل مجهودا للحضور والكتابة، وانت حضرتك تأتي هكذا لتأخذ تعبي ؟ 😒

وأكثر ما كان يثير غضبي عندما كان استاذ المادة يتحول من الحديث باللغة الانجليزية الى التركية، تسهيلا على طلبة الدفعة الأتراك، في حين كنت اقفز من مكاني في غضب مكتوم معترضة على الشرح بالتركية ومطالبة الاستاذ بالعودة للانجليزية، وكان أسلوبي هذا يثير حنق أغلب زملاء وزميلات دفعتي. نعم كنتُ فذة، ذكية، مكينة دراسة، ولكنني بالنسبة لهم كنت مغرورة، مجرد طالبة مزعجة حرمتهم من تعلم الدروس بلغتهم الأم!

ولم يكن يهمني ذلك، بل لم أكن أراه أصلا.. كان تركيزي منصبا على الدراسة، العلامات، حساب المعدل، والاستمرار على نفس المنوال، وأعتني ببيتي وزوجي وابني في ذلك الوقت!

مرت السنوات الان، وعدتُ الى الجامعة، وطُلب مني أن أقدم عرضا في احدى المواد، حول شيء قمتُ بتغييره أو أود تغييره في حياتي.

وقفت، وجلتُ ببصري الى كل تلك العقول الغضة الطرية، المقبلة على الحياة، ثم زفرت وأنا أتذكر نفسي قبل سنوات طويلة..

تساءلت امامهم: ان كانت لديكم الفرصة لإعادة القيام بشيء للمرة الثانية.. فهل ستقومون به بنفس الطريقة، ام بطريقة أخرى؟

تحدثتُ عن نفسي، كيف كنتُ أدرس في جامعتهم قبل سنوات، وكيف أنني قررتُ ان أعود كإنسانة تريد التعلم قبل ان تطلب الدرجات او العلامات..

كانت نظرتي الى الدراسة الجامعية مختلفة هذه المرة، كانت نظرة “عيشي الوتيرة واستمتعي!“

توقفت عن ملاحقة علاماتي او الحرص على تسجيل محاضراتي، كنتُ فقط أنظر الى وجوه الأساتذة، أتأمل ردود أفعال الطالبات والطلبة، استغل اوقات الفراغ في شرب كوب شاي مع احداهن، لتحدثني عن مدينتها أو امها او اهتماماتها الاخرى. كنتُ أحرص على مساعدة أي كان، بقدر ما استطيع، لم أعد أخفي المعلومة كي لا يتفوق علي أحد، بل حرصتُ على أن يعرف كل زملائي وزميلاتي بما أعرف (من واقع خبرتي). توقفتُ عن الحفظ والبصم، واستبدلته بالفهم، وان لم أفهم.. فلا يهم… المهم انني أستمتع بمكاني ووجودي هنا.. كفرصة أخرى!!

والمدهش، المذهل.. انني كنتُ احصل على علامات ممتازة، دون كل ذلك الجهد!!👌

كثيرا.. كثييييرا ما تمر بنا المواقف في الحياة، نتمنى فرصة ثانية لنعيد تصحيح أخطائنا، او نرد بالطريقة المناسبة..

كثيرا ما نتمنى ان نعيد عقارب الساعة، لنقوم بقرارت أفضل، او نؤدي العمل بشكل أكمل..

صدقيني.. انتِ وصلتِ الى ما وصلتِ اليه الان.. بما اتخذتِه من قرارات وبما مررتِ به من مواقف 🙂

التفكير المستمر فيما يمكنك تغييره من ماضيك يأخذ منكِ الكثير والكثير، والتفكير في كيفية جعل حاضرك ومستقبلك أفضل.. لا.. بل أكمل.. هو المستحيل بعينه!

لدينا هوس فظيع بالكمال.. لم أجد امرأة واحدة ليس لديها هذا الهوس..

حتى ان لم تكن كاملة، او تطبق الكمال بحذافيره، أجدها مكتئبة، محبطة، مقهورة، لأنها لم تستطع الوصول الى الكمال الذي كانت تحلم به ولم تسع لتحقيقه!!

هل فكرتِ مرة.. ان الكمال الحقيقي.. هو في النقصان حقا؟

انه لا كامل إلا وجه الله سبحانه وتعالى، وأننا مأمورون بالإحسان والاتقان في العمل، ولكن ليس الى حد الكمال المستنزف للطاقة والقدرات التي لا تسعها النفس البشرية اذ لا يكلف الله نفسا الا وُسعها؟

المثال الذي ذكرتُه لك بالأعلى كان عن الدراسة، لكنني لا اريدك أن تحصري تفكيرك حولها فقط..

انا أتحدث عنكِ كأم.. تجلدين ظهور ابنائك بسياط انتقادك ليل نهار، بنية ن يكونوا أفضل ابناء في العالم..

اتحدث عنك كربة بيت.. تنفضين السجاد والستائر.. وتقضين الساعات بالمطبخ لأجل عزومة.. لأجل أن يقولوا لك.. واااو.. والله ست بيت معدلة!!

اتحدث عنكِ كأنثى.. مهووسة بقوامك وجمالك ورشاقتك.. تلاحقين انواع الموضة والمكياج، تثير حميتك امرأة أخرى تهتم بنفسها أكثر منك سواء امامك او على التلفاز، وتبدئين في المنافسة حامية الوطيس لأجل الكمال!!

اتحدث عنك كإنسانة طموحة.. تسعى لتحقيق أحلامها وانجازاتها، ومستعدة لدفع الثمن.. أي ثمن.. المهم ان تصلي وتكوني وتصيري.. حتى الكمال!!

معلش استاذة بس انتي اليوم مش طبيعية.. ليش تغيري كلامك في اليوميات السابقة؟؟؟ 😲

انا لم أغير كلامي.. أنا اضعك في الصورة التي ستواجهك من الان!! الصورة التي تعتقدين انها ستكون كاملة.. هي ناقصة بالاساس! لأنك عندما تحاولين ملء فراغ الصورة في جانب معين، فهذا يعني انك ستعرّينها في جانب آخر.. للاسف!

لن تكتمل اللوحة أبدا.. لن تصلي الى ما تريدينه بالشكل الذي تحلمين به تماما..

بالضبط كلحاف قصير، ترفعينه للأعلى، فتتكشف ساقاكِ، او تنزلينه لللاسفل، فينكشف وجهك وذراعاكِ!

ولا يغرنك الصورة الجميلة البيرفيكت، التي ترينها من الناس حولك، في التلفاز، في الفيسبوك، في انستغرام، كلهم يمشون أمامك بأبهى صورة وحلة، ولكنهم عندما يختلون بأنفسهم، لربما أشفقتِ على حالهم!!

كل هذا الجهد والعناء واللهاث، من أجل أن تكوني تلك المرأة البيرفيكت، لأجل نفسك، او عشان خاطر زوجك، او نكاية في قريناتك، او تميزا بين صديقاتك، سيأخذ من طاقتك ووقتك وشجاعتك..

طاقة ووقتا وشجاعة كان بإمكانك توزيعها بشكل متقارب على جميع أنحاء الصورة، لتبدو جيدة معقولة، ثم تعملين على تحسينها، بأسلوب الكايزن، لتبدو أجمل وافضل يوما بعد يوم، مستمتعة بالرحلة وليس بالنتيجة!

دون نكد، دون اكتئاب، دون احباط، ودون تقصير في حقوق العباد!!

يومياتك 🌟 :

1. راجعي ما كتبتيه من انجازاتك لعام 2014، هل كانت كلها مثالية وكاملة؟ ان كان جوابك نعم، فهذا يعني انكِ لم تكتبي جميع الانجازات التي حدثتك عنها، الانجازات ذات التفاصيل الصغيرة، المصاحبة للمشاعر الجميلة والرائعة، بغض النظر عن كونها مثالية، او كاملة، او ممتازة!

2. راجعي ما كتبتيه من الانجازات التي تودين تحقيقها لعام 2015، هل الثمن الذي تودين دفعه باهظ ومكلف جداً؟ إن كان جوابك نعم، فهذا يعني أن ما تريدين تحقيقه فوق مستوى قدراتك بكثيييير، وأنك ببساطة ستحبطين من بداية الرحلة لتنتكسي بسرعة..!

3. من الان فصاعدا، ركزي على النسبة وليس الكلية..

بمعنى… عوضا عن حديثك بأنك أنجزتِ كذا، او حققتِ كذا، تريدين انجاز كذا ، او تريدين الوصول لكذا، تحدثي عن:

أريد تحسين أمومتي مع ابنائي هذا الاسبوع بنسبة 30%
أريد تنظيف بيتي لهذا اليوم بنسبة 60%
اريد التخلص من هذه العادة السيئة هذا الشهر بنسبة 20%
اريد الوصول الى هدفي الذي اريده لهذا العام بنسبة 50%
اريد تحسين مزاجي هذا المساء بنسبة 40%
اريد اليوم  علاقة افضل مع زوجي بنسبة 30%

كايزن.. بسيط.. ومستمر.. بالنسبة وليس بالكلية او النتيجة!!

1. الطريقة أعلاه، ستخلصك من التوتر، العصبية، والاحباط، لتصبحي أكثر تفاؤلا، وايجابية، وانجازا 🙂

يوميات حب XL تخاطب المرأة بداخلك.. المرأة المثالية المهووسة بالكمال التي نعرفها تماما أنا وانتِ..

وحتى لا ينقلب هذا الحب الى كره، عندما تنطلقين من هذه اليوميات بكل حماس وتبدئين في شق طريقك لتجدي امامك الحواجز والعوائق والاحباطات..

تعلمي ان تفهمي نفسك.. وحاجاتك.. أن تتدرجي في هذا الحب.. وتوغلي فيه برفق.. دون هوس واندفاع وبطولات..

حتى تصلين الى مستوى اكس لارج.. بحق!👍

https://soundcloud.com/estrogenat/10a-1