قصة سندريلا.. من القصص الكلاسيكية التي حفظناها منذ الصغر عن ظهر قلب. سندريلا فتاة فقيرة جميلة تعيش مع زوجة الأب الغائب، وابنتيها المغرورتين، فتعمل لديهن خادمة، وتضرب مثلا ونموذجا “مستفزا” في الصبر والسكوت على الظلم، وقبول الأوامر والنواهي حتى وان كانت مجحفة بحقها وهي صاحبة البيت مثلهن تماما.
وأيقونة القصة الأساسية بالطبع هي “حذاء” سندريلا الزجاجي.. الذي يفلت من قدمها وهي تركض بسرعة مخلفة وراءها الأمير الذي كانت ترقص معه للتو في حفل ملكي مهيب.. تركض خوفا من زوال السحر عنها فتعود كما كانت سندريلا الفقيرة البائسة.. فيلتقط الأمير الحذاء ويبحث عن صاحبته في طول البلاد وعرضها حتى يجدها أخيرا في أحداث دراماتيكية معروفة.
ولستُ هنا لأتحدث عن الحب وسنينه، ولا عن معجزات الزواج من أمير بسبب “حذاء”، معلش فقد ولّى زمن المعجزات يختي..
ولا انا هنا لأتحدث عن ظلم زوجة الأب، ولا رفاهية الأخلاق العالية الرفيعة التي مثلتها اختنا سندريلا.. فالأمر أصلا لا يمشي الا في حكايات ديزني يا عمري.. ولو كانت القصة واقعا فعلا كانت سندريلا وزوجة ابيها يا قاتلة يا مقتولة من زماااان!
ما علينا..
أنا هنا لأركز على قضية أهم من ذلك بكثير.. قضية لم ننتبه لها طوال سنوات عمرنا.. ومع ذلك نعيشها بحذافيرها قي واقعنا الحالي..
قضية “ساحرة” سندريلا.. التي بتلويحة عصا.. حولت فئران سندريلا الى خيول.. وحولت القرع الى عربة فاخرة تجرها الخيول آنفة الذكر.. وأخيرا.. بهزات متتالية.. تجعل سندريلا تلبس اللي على الحبل.. الفستان والمكياج والاكسسوارات.. لتصنع منها فتاة أخرى تجحظ لها الأبصار.. ويقع الأمير التعيس اياه صريع حبها من النظرة الأولى في قاعة الرقص.. وقد انبهر أيما انبهار بهذا الجمال والفتنة المجسدتين!
اممممم.. هل تبدو لكِ هذه القصة مكررة؟
لا؟☺
طيب..
في سياق منفصل.. (وستعرفين بأنه متصل بعد ثانيتين).. هل سمعتِ أو قرأتِ خبر العريس فلان.. الذي طلّق زوجته عندما استيقظ في اليوم التالي.. ووجدها قد ركّبت.. عفوا.. استعادت وجهها الحقيقي مرة أخرى.. بدون رتوش.. عفوا.. بدون أطنان المكياج الذي وضعته لها كوافيرة الأمس بـ 5 آلاف ريال؟
أها.. ايوا يختي.. ساحرة سندريلا بالضبط هي تلك الكوافيرة اياها.. بس تطورت وصارت بزنس وومان تكسب عيش من عصاتها.. اقصد فرش المكياج خاصتها!
والحقيقة.. ان ساحرة سندريلا اليوم.. لا تقتصر على الكوافيرات او متخصصات المكياج المعروفات.. بل أصبحت تقبع في درج تزيين كل امرأة.. وتقف خلف كل إصبع روج.. وعلى طرف كل رمش اصطناعي..
ساحرة سندريلا.. أو بالأحرى.. عصاها السحرية.. باتت في متناول كل يد يا عمري.. فقد ولّى عهد الفتيات الغشيمات.. البريئات.. اللواتي لا يفقهن فن المكياج الا بعد كتب الكتاب. وأضحت فتياتنا.. الصغيرات قبل الناضجات.. يتفنن على قنوات اليوتيوب.. والانستقرام.. والسناب شات.. في استعراض عصيّهن (جمع عصا) السحرية.. ابتداء بالبيز.. والفاونديشن.. والبيكنغ.. مروراً بالشادو.. والايلاينر.. والرموش التركيب.. وانتهاء بالروج المات.. او الغلوس.. والكونتور.. والفيكس بلس.. مع 30 نوع فرشاة.. و40 نوع قلم روج.. و60 نوع كحل وماسكرا وقلم تحديد!
ساحرة سندريلا اياها.. لم تتطور فقط في درج التزيين.. بل انتقلت لترينها بوضوح صارخ.. في الوجوه المصبوغة.. والبراطم المنفوخة.. والغمازات المغروزة.. والمؤخرات المحشوة.. والوسط المشدود بمشد كارديشان الذي لا تستطيع التنفس منه قطة!
نساء اليوم.. لم يعدن نساء.. انا نفسي.. بالكاد أجد امرأة تخرج بوجهها الحقيقي.. فقد صرنا في زمن الوجوه المستعارة!!
عندما قررتُ شراء هاتف جوّال جديد، وكنتُ في أحد المولات الخليجية، كانت مسؤولة المبيعات الفلبينية تشرح لي مميزات الجهاز.. وأنا أهز رأسي فيما أحملق في كحل عينيها.. يا لهوي عليكي.. من أين لكِ بهاتين العينين الواسعتين وأنتِ فلبينية؟؟؟
ثم عند توجهي للدفع.. تخرعتُ من منظر المسؤولة عند الكاشير.. ووضعتُ علبة الجوال الجديدة أمامها.. وأنا فاغرة فاهي أحملق في حاجبيها الغليظين.. المرسومين بالفحم.. ويكادا يتصلان في أبشع منظر رأته عيناي.. وألف فكرة تدور في رأسي لاستجمع شجاعتي لأعلق عليها. أي فكرة مخبولة تلك التي خرجت من رأسها لتقرر رسم حواجبها بهذا الشكل؟ أي جمال لعين رأته أقنعته بأن مواصفات الحواجب صارت هكذا؟
ومسكينة أنا.. أحمد الله اني أغلقتُ فمي ولم أعلق.. فعندما تركتُها لأتابع اجازتي.. وجدت النساء.. أغلبهن بلا استثناء في المولات… في السيارات.. في الشوارع.. في المطار.. يرتدين الحواجب السوداء المرسومة من الأذن الى الأذن..
والرموش التركيب.. والا الكونتور.. يوووووه.. حكاية أخرى يطول ذكرها..
لكن..
حقيقة هناك بؤس حقيقي تعيشه النساء لدينا.. هناك قناعة تامة لدى كل امرأة في جيل اليوم (حول العالم بأكمله وليس عندنا فقط).. أنها لا تصلح لمواجهة العالم كما هي.. بوجهها وجسدها الحقيقيين.. وأنها تحتاج باستمرار.. لإثبات أنوثتها بمساعدة ساحرة سندريلا.. لتقلب وجهها وجسدها وروحها وكيانها لشيء آخر.. أملاً في الذهاب الى الحفلة الراقصة.. وكسب قلب الأمير المنتظر!
رغم أن الأمر المضحك.. الذي لم ننتبه إليه يوماً.. أن الأمير اياه.. تزوجها على مقاس حذائها.. وهو الشيء الوحيد الذي لا تستطيع الست سندريلا تغييره او “التغشيش” فيه.. مقاس قدمها!!
زماااان..
كانت العدسات اللاصقة الملونة أمراً مستهجناً.. لا تلبسه إلا من لديها ثروة قومية تحتاج الى تبديد..
وزمااان..
كانت الرموش الصناعية عملة نادرة.. لا نعرفها سوى في عرائس الأطفال التي تتحرك عيونها برموش النايلون الجميلة..
واليوم.. الفتيات رايحات جايات بعدسات ورموش.. سواء لحفلة سهرة.. او لطلعة على الكلية.. او حتى تمشية في المول!!
دا انا رحت أنا وأختي مكتب كاتب العدل في تركيا.. مكتب معفن.. كله اوراق.. وأعمال قانونية.. ووجوه مكفهرة.. وكانت هناك أخت قاعدة.. لديها رموش.. تكاد تفقز من وجهها… وأختي تشير لها وتهمس لي بكل ثقة هذه رموش تركيب.. وأنا احملق وأتمتم وشدعوة!
موجة إنكار..
نعم.. هناك موجة إنكار لما هو طبيعي.. تماما كما ننكر طعم الحليب الطبيعي الذي يأتي من المزرعة الان.. ولا نستسيغه.. ونفضل عليه طعم الحليب المبستر المخزن في الثلاجة لمئات الأعوام!
في سياق منفصل ومتصل.. أخذتُ والدتي لإحدى بحيرات أنقرة التي تعتبر “محمية” طبيعية.. جلسنا في كراسي خشبية بسيطة.. ننتظر سندويشات الكفتة من كشك صغير.. ونحن نتأمل في البحيرة الممتدة أمامنا.. فقالت أمي في تذمر: ما أشد الإهمال بهذا المكان.. يحتاج ليكون أكثر تنظيماً.. سطر من الكافيهات والجلسات الراقية ليجذب السياحة أكثر. فقلتُ لها بحذر: ولكن هذه محمية طبيعية يا أمي، هنا تسمعين أصوات العصافير وتستمتعين بالطبيعة النقية و… . فقاطعتني مستهجنة: ولو.. يحتاج المكان لتنظيف.. واهتمام.. ووضع الكافيهات والحدائق.. وخدمات للناس!
صمتُّ.. معها حق..
في عصر اصبح يرفض بشدة قبول كل ما هو طبيعي.. معها حق أمي أن تطالب بكافي شوب تجلس فيه وتروق مع صديقاتها.. وربما مطالعة كتاب.. او الرد على رسائل الموبايل..
معها ومعنا حق.. الا نستسيغ الطبيعي.. وندخل أيدينا العابثة.. تعديل هنا.. رتوش هناك.. و.. اممم.. لسه يحتاج كمان.. تعديل هنا.. رتوش هناك.. حتى ينقلب الشيء لشيء آخر مختلف تماما.. فنتراجع منتصرين معلنين الرضا التام عن هذا المنتج الممسوخ!!
نحن كنساء… أغلبنا (إلا من رحم ربي) صرنا مسخات!
هذه هي الحقيقة!
من منا تجرؤ على الخروج بدون رموش تركيب او حواجب مرسومة بالمسطرة في مجتمع كل نسائه تخرج برموش تركيب وحواجب تاتو؟
من منا تغامر بإظهار لون عينيها الحقيقيين او اظافرها الطبيعية.. في جلسات نسائية 90% من نسائها يضعن العدسات الملونة والأظافر المصبوغة؟
من منا تقتنع..
أنها تستطيع أن تكون محمية طبيعية..؟
انها لوحدها … كما خلقها ربي.. أنثى.. كاملة؟!
أنا لا اتحدث عن المكياج الطبيعي.. مكياج زمااااان.. مال أول.. مكياج الطيبين.. عفوا الطيبات.. لما أمي وأمك تضعان الكحل.. والروج الخفيف.. وأحيانا… ان زودتها يعني.. وضعت بودرة أساس!!
لا أتحدث عن المكياج الذي تضعه منى.. فتظل منى.. أو الذي تضعه عبلة… تبقى عبلة..
انا أتحدث عن المكياج الذي تضعه منى.. فتقلب سندريلا.. وتضعه عبلة.. فتقلب….. برضو سندريلا!!
ما الحكمة في أن تسمحي للمكياج والموضة والاكستنشنات والعمليات بأن تجعلك مخلوقة أخرى؟
صح صرتي خقة (حلوة).. لكن خقة بمقاييس من؟؟
صح صرتي واو.. لكنني لم أعد أعرف من كانت تحت هذا الواو..
نعم صرتي فاتنة.. لدرجة أنك تتحركين كروبوت آلي يقف على سجادة حمراء من سجادات هوليود.. الضحكة المحسوبة.. والابتسامة المرسومة.. وحركات اليد المدروسة.. وتعتقدين أن مكياجك جعلك مهمة.. وبراطمك خلتك في أي بي.. ومؤخرتك وضعتك على رأس قائمة اكثر 100 امرأة مؤثرة لهذا العام!
ربما.. أيتها المؤثرة..
لكن ستحتاجين يوماُ.. أن تقلعي هذا الديكور كله.. وهذا الكرنفال والبهرجة اياها.. عندما تنامين بجوار عريسك الغشيم.. الذي وقع تحت سحر الساحرة.. ساحرتك!
وانتي ونصيبك عاد..
فقد يكون السيد غشيمك من النوع الفوّار.. فلا يرضى بهذه المهزلة ويطلقك على الفور.. وربما يطالب بتعويضات مادية حسب مستوى الاستغشام من طرفك!
أو يكون مثل السيد الأمير.. أمير سيندريلا بالطبع..
الذي أخذها إلى قصره… ليعيشا معاُ في سعادة وهناء..
اممم..
نعم.. هذه هي النهاية التي نعرفها عن القصة..
لأننا لم نعرف أبداُ ما حدث بعد هذه النهاية..
بعد أن استيقظت الست سندريلا بجوار أميرها في أول صباح.. بدون عصا الساحرة..
خلاص.. بح!
وابقي خلّي الرموش اللي وقعت على المخدة تنفعك!
استاذة خلود انتي ما تعرفيش مقالك ده اسعدني ازاي.. لأني طول الوقت بحس اني غريبة في وسط هذا العالم.. عشان مش بحب احط المساحيق.. ولا افقه شئ في موضات الميكب… اقرئي المزيد »
دعوا الخلق للخالق … بالاخير هذا رايگ انت .. كل جيل له زمنه وموضة وحركاته نحن في 2017 وتبغونا نرجع للستينات و السبعينات .. عيشوا حياتكم وخلوا الناس تعيش.. والتجميل… اقرئي المزيد »
هذا هوس تزيين الخارج و الداخل خاوٍ مترب بأعشاش عنكبوت و للأسف هوس التجميل بكل ما هو جديد دون تصفية و تفكير، هل يناسبني هذا؟ هوس اتباع شر الخلق إذ… اقرئي المزيد »
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته أستاذة خلود الماسة الشرق تعشق البساطة لا استعمل الميكب ابدأ في رئي الأنوثة تبقى طبيعية بدون صباغة كيميائية اعني ورود حية جميلة في… اقرئي المزيد »
موضوع رائع جدا وفعلا اصبح هذا واقعنا اليومي لكني ارى ان هذة ااقصة تحكي شي اخر ان ساندريلا ما اصبحت علية من جمال هو وصف للحياة التي نريدها يعني نفسنا… اقرئي المزيد »
ههههههه وانا وحده من الطيبات …احب البساطه
حدي كريم اساس وكحل …وروج ..وداخله جووو مع نفسي ههه
الجميع يضيء على السطح
ولكن العبرة بمن يتلألأ في الأعماق
حطيتي الاصبع على الجرح سيدة خلود، أصبحت النساء تفتقد إلى اللمسة الخاصة و أصبحت مثلها مثل أي واحدة .. تقليد أعمى و خواء نفسي بشكل مقرف. سلمت أناملك التي خطت… اقرئي المزيد »
على قدر ماضحكت لكن فعلا هذا ما يحصل اليوم … فأنا اتذكر عند زيارتي لاهلي رحت زياره مع اختى الى احدى الجلسات وطبعا لبست وعملة مكياجي ولبست عبائتي وقلت لأختي… اقرئي المزيد »
ههههههههه موضوع جميل وبصراحة ما بقي فيه شئ طبيعي ، كان عندي هوس بالمكياج فترة بس تركته ورجعت طبيعية أكثر حاجة بعملها لما أخرج كريم اساس خفيف وقليل من المسكارا… اقرئي المزيد »
عزيزتي أ. خلود للأسف كلامك صحيح ومنطقي ،، ولكن لكل بحث وحوار يجب مراعاة المسببات لما وصل إليه جيل هذا العصر.. منذ ما يقارب ال 15 أو 20 سنة تقريبا..… اقرئي المزيد »
كلام جميل وأنا معك فيه ويندرج تحته وهو يندرج تحت الكثير من الكلام والمبادئ والثوابت كذلك إن أردنا الإسهاب فمثلاً.. لا يجوز للفتاة أن تخدع الخاطب في الرؤية الشرعية وتخرج… اقرئي المزيد »
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته اعتقد ان سبب كل هذا يعود الى دور الام في تربية بناتها, فاذا كانت شخصية واعية و عندها ابعاد اخرى للحياة و اهداف… اقرئي المزيد »
كلامك في الصميم استاذة خلود ▫ حقاً اصبح العالم مخيف، فعند خروجك للشارع او فتح محطات التلفاز او تصفح الانترنت تكادي ان لا تتعرفي على احد من ابناء جلدتك وكأن… اقرئي المزيد »
حقيقة لفتي نظري لهذا الموضوع انا من الناس التي لا تخرج بالمكياج إلا نادرا وقبل شهر تقريبا أصابني هوس الميك اب وتجربة كل ما هو جديد من كنتور وهايلايت والبيكنج… اقرئي المزيد »
ههههه بارك الله في اناملك سيدتي… والله بردتي لي قلبي مثل ما نقول في الجزائر… زادك الله علما و وعيا ونفعنا بك إن شاء الله
هههههه حتى انا بردتلي قلبي ا بنت بلادي. حتى عندنا تخرجي برا تحيري مكياج عراسي للقراية…. مبقاتش حاجة طبيعية…
السلام عليكم بصراحة قلت كل اللي نفسي أقوله من زمان و ياريت الناس تزين بواطنها كما تزين ظواهرها والله تزيين الباطن يزين ظاهرنا و ليس العكس لكن هذا الزمان زمن… اقرئي المزيد »