بقلم أ. روان درس
مفاتيح النجاح
قبل أيام أحببنا أن نضفي المرح على أمهات طلبتنا في يوم “مهرجان الأم ” وإعطائهن دورة في تربية الأبناء بطريقة مبتكرة.
قمنا بإعداد ألعاب (تلي ماتش ) واستخراج فائدة تربوية من كل لعبة، و ضمن هذه الألعاب كانت لعبة استخراج قطعة الشوكولاطة من كومة طحين .
برأيك ما الفائدة من هذه اللعبة ؟
نعم .. استخراج الكنز الدفين الذي يقبع داخل طفلك : الكنز الذي عليك اكتشافه و استثماره.
لكل شخص منا شيء يميزه ، وأنا كأم علي معرفة ما يميز طفلي حتى أعززه بكل ما أوتيت من قوة و أنمي شخصيته في مختلف المجالات بما يوافق الكنز الذي فيه، لكن هل فكرت يوما كيف يمكنك معرفة مايميز طفلك حقا؟؟
هل سألت يوما نفسك أو طفلك لماذا يوجد باب لكل غرفة ولكل بيت؟
ولماذا يوجد مفتاح لكل باب؟
ماذا يحدث إذا أغلقنا الباب بالمفتاح؟ هل نستطيع دخول الغرفة دون استعمال المفتاح؟
سألت طلبتي وأمهاتهم الأسئلة أعلاه، وكذلك أفعل كل عام ، وبعد سماع إجاباتهم ، أعرض عليهم مفاتيح قد صنعتها من الكرتون
وأسألهم ماهذه المفاتيح ياترى ؟ ولأي باب هي ؟ وأستدرجهم بالإجابة لأزيد من تركيزهم ، حتى نصل معا إلى أنها مفاتيح النجاح .
السؤال الآن هو كيف يمكن لنا أن نستخدم مفاتيح النجاح في تربية أبنائنا مع ربطها بحب الله ورسوله؟
قد تدرجنا معا في الجزئين الأول و الثاني من هذه السلسلة لترسيخ حب الله ورسوله في قلب الطفل ، وممارسة هذه الحب في حياته العملية ، وفي هذا الجزء سنتابع هذا الغرس بطريقة رائعة يحبها الأطفال كثيرا.
الطفل بطبعه ووفقا لخاصيات نموه يحب كل ما هو محسوس ، فكلما كان أمامه شيء محسوس لما تودين غرسه في قلبه من قيم وعواطف تجاه الإسلام كلما كان الغرس أسرع و أقوى وأثبت في نفسه .
بالنسبة لنا سنغرس عشر قيم باستخدام لعبة المفاتيح. (بإمكاننا طبعا غرس أكثر من ذلك إذ ما علينا إلا إضافة مفتاح لكل قيمة)
ولنتقن فنون هذه اللعبة علينا بالآتي – أنقل لك تجربتي مع طلبتي – :
أولا : أقوم بتصميم مفاتيح النجاح بألوان زاهية وتثبيتها في علاقة مفاتيح ، ومفاتيح مكبرة أثبتها على اللوحة الجدارية بالتدريج – أي لا أثبت جميع المفاتيح دفعة واحدة – وهذه هي المفاتيح :
( أنا في هذا العام أضفت مفتاحا جديدا ، لأهميته وتغافلنا عنه ، إنه مفتاح نصرة الإسلام والمسجد الأقصى )
ثانيا : أسأل طلبتي الأسئلة التي كتبتها أول المقال ، عن الأبواب والمفاتيح ، حتى أصل معهم تدريجيا إلى أن هناك مفاتيح مهمة تساعدنا للوصول الى أهدافنا ، في بعض الأحيان أستخدم سرد قصة لهم من حياة التابعين ، أو الصحابة , أوحتى قصة خيالية مع التركيز على النقاط التي توضح أهمية المفاتيح ؛ ليستنتجوا بأنفسهم أن للنجاح مفاتيح .
ثالثا : أصنع مجسما له باب مغلق , وأخبرهم أن هذا المجسم فيه شيء ثمين كأدمغتهم ، وأننا لن نفتحه إلا إذا طبقنا مفاتيح النجاح في حياتنا العملية ، وأتفق معهم أني سأشرح لهم مفتاحا واحدا بداية كل أسبوع , شرط أن أجد المفتاح السابق في سلوكهم اليومي.
وحتى أحببهم بهذه المفاتيح أعزز كل طالب يطبق المفتاح المخصص للأسبوع ، وأربط المفاتيح بكل درس من دروس الأسبوع وبكل لعبة نلعبها , وبكل موضوع نطرحه , بطريقة مشوقة ، كالقصص , وألعاب التلي ماتش , والداتاشو.
سأطرح هنا مثالا لأول مفتاح من مفاتيح النجاح , ثم أترك لك العنان لتسرحي بخيالك , لتطبيق باقي المفاتيح بإبداعاتك الرائعة مع أطفالك المميزين .
مفتاح الإخلاص لله :
أسأل طلبتي لماذا ندرس ؟
وأستمع لهم , وأثير فضولهم بأسئلة متتالية : لماذا نأكل ؟
لماذا ننام ؟
لماذا ننظف أنفسنا وأماكن تواجدنا ؟
ثم أخبرهم أن الجواب واحد!!
- أنا أتكلم هنا عن عمر 6 سنوات , طلبة الصف الأول الإبتدائي ( أي أن النقاش يصلح للأطفال 5 سنوات فما فوق ) –
أستمع إلى اجاباتهم بشيء من المرح والضحك والمزاح , ثم أترك الإجابة مفتوحة وأقول لهم سأسرد لكم قصة ومن هذه القصة ستعلمون الإجابة.
قصة صاحب النقب
في إحدى المعارك ، تجمع أعداء المسلمين داخل حصن قوي ، فلم يستطع جـيش المـسلمين
اقتحام الحصن ، قرروا محاصرة الأعداء داخله حتى يستسلموا .
وفي صباح أحد الأيام فوجئ المسلمون بوجود فتحة في الحصن ، فقال القائد : من صـاحب
النقب ؟ فلم يرد أحد . فلما رأى القائد أن صاحب النقب لا يريد أن يظهر نفسه ، قال : أسـتحلفه
باالله أن يأتيني الليلة .
وفي المساء دخل على القائد رجل يضع غطاء على وجهه ، فقال القائد : هل أنت صـاحب
النقب قال : نعم . قال : اكشف عن وجهك لأعرفك . فقال الرجل : لي ثلاثة شروط : ألا يعرفني أحد غيرك ، وألا تعطيني أي مال زائد عن المسلمين ، وأن أظل جندي كما أنا . فوافق القائد لما رأى الرجل يريد أن يجعل عمله خالصاً الله ، لا رياء فيه ولا سمعة .
بعد هذه القصة أسألهم : لماذا لم يقبل هذا الشخص أن يأخذ مكافأه ؟
لماذا أخفى اسمه؟
ومن القصة اتسلسل معهم حتى نصل إلى معنى النية ، والإخلاص لله تعالى ، وكيف نطبق الإخلاص في حياتنا العملية.
مثل : أنا أدرس لله ولأنصر الإسلام بعلمي ومعرفتي
أنا ألعب في وقت الاستراحة لله ؛ لأجدد نشاطي وطاقتي ؛ فأتعلم , وأصلي , و أمارس بقية يومي بهمة ونشاط .
المفتاح الثاني : حسن الاستماع
في هذا المفتاح أستخدم أسلوبا مختلفا تماما عن بقية المفاتيح , أتدرين لماذا ؟
لأنه سر نجاح بقية المفاتيح .
أولا: أوضح لهم أن الفرق بين السماع و الإستماع , وأشرح لهم المعنى بطريقة بسيطة جدا , حيث أنني أفتح الشبابيك وأجعل فوضى أصوات الخارج تتسرب إلى الصف وأتحدث معهم بأي موضوع , بعدها أغلق الشبابيك وأسألهم هل سمعتم الأصوات في الخارج؟ ماذا فهمتهم من كلامهم ؟
هل سمعتم شرح الدرس مني ؟ ماذا فهمتهم من كلامي ؟
ثم أوضح لهم أن ما سمعناه من فوضى الخارج إنما هو سماع لأننا لم نركز به فنسمع أصواتا دون أن نفهم معناها , أما سماعهم للدرس فهو استماع , لأنهم ركزوا وانتبهوا لكل كلمة قلتها أثناء الشرح.
ثم أعلمهم لعبة جميلة نمارسها طوال العام الدراسي , وهي لعبة التخيل :
أغمض عينيك وتخيل أن معك علبة دواء , دواء الاستماع , اشرب منه ثلاث قطرات (وأوضح لهم بالصوت أنني شربت ويقلدون الصوت ذاته) ، بعد هذه القطرات الثلاث يصبح كل عضو من جسمك يصغر ويصغر ويصغر ( واخفض صوتي تدريجيا كلما كررت كلمة يصغر ) , حتى لا تستطيع تحريكه إلا أذنك فهي تكبر وتكبر وتكبر ( و أرفع صوتي تدريجيا مع كل كلمة ) , حتى ( هنا أخفض صوتي كثيرا ) أنك أصبحت تسمع دبيب النمل .
بعدها يصبح الطلبة في حال انتباه شديد جدا , وأقوم بشرح الدرس بهدوء ومتعة وحيوية .
مع التركيز على نقطة أنني أنصت وأركز لله .
المفتاح الثالث :الإنتباه والتركيز
أحضر لهم ملعقة وزيتا , وأسألهم ماعلاقة ذلك بمفتاح النجاح , و أستمع إلى إجاباتهم البريئة ثم أقص عليهم قصة الملعقة ونقطتي الزيت :
يحكى أن أحد التجار أرسل ابنه لكي يتعلم سر السعادة لدى أحكم رجل في العالم .. مشي الفتى أربعين يوما حتى وصل إلى قصر جميل علي قمة جبل .. وفيه يسكن الحكيم الذي يسعى إليه .
وعندما وصل وجد في قصر الحكيم جمعاً كبيرا من الناس ..انتظر الشاب ساعتين لحين دوره .
أنصت الحكيم بانتباه إلى الشاب ثم قال له : الوقت لا يتسع الآن وطلب منه أن يقوم بجولة داخل القصر ويعود لمقابلته بعد ساعتين .
وأضاف الحكيم وهو يقدم للفتى ملعقة صغيرة فيها نقطتين من الزيت :
امسك بهذه الملعقة في يدك طوال جولتك وحاذر أن ينسكب منها الزيت.
أخذ الفتى يصعد سلالم القصر ويهبط مثبتاً عينيه على الملعقة ..
ثم رجع لمقابلة الحكيم الذي سأله :
هل رأيت السجاد الفارسي في غرفة الطعام ؟ .. الحديقة الجميلة ؟ .. وهل استوقفتك المجلدات الجميلة في مكتبتي ؟ ..
ارتبك الفتى واعترف له بأنه لم ير شيئا .. فقد كان همه الأول ألا يسكب نقطتي الزيت من الملعقة ..
فقال الحكيم : ارجع وتعرف على معالم القصر .. فلا يمكنك أن تعتمد على شخص لا يعرف البيت الذي يسكن فيه ..
عاد الفتى يتجول في القصر منتبها إلي الروائع الفنية المعلقة على الجدران .. شاهد الحديقة والزهور الجميلة .. وعندما رجع إلي الحكيم قص عليه بالتفصيل ما رأى ..
فسأله الحكيم : ولكن أين قطرتي الزيت اللتان عهدت بهما إليك ؟ .. نظر الفتى إلى الملعقة فلاحظ أنهما انسكبتا
فقال له الحكيم
تلك هي النصيحة التي أستطيع أن أسديها إليك
سر السعادة
هو أن ترى روائع الدنيا وتستمتع بها دون أن تسكب أبدا قطرتي الزيت.
أي أن علينا الانتباه والتركيز على واجباتنا , والاستمتاع في حياتنا بآن واحد.
ثم نلعب سويا لعبة الملعقة وكرة التنس ( من ألعاب التلي ماتش) وهي مسابقة بين فريقين من كل فريق يخرج شخص واحد يمسك الملعقة بفمه , وعليها كرة تنس , و عليه أن يسير مسافة طويلة دون أن تسقط الكرة من الملعقة ودون استخدام يديه.
ولك أن تلعبيها مع أطفالك في البيت , أو الحديقة ، أو المنتزه
و أما بقية مفاتيح النجاح فسأنتظر إبداعاتك في تقريب معانيها و استخدامها مع طلبتك أو أبنائك . و كلي ثقة أنك ستنجحين . ما عليك إلا أن تطلقي العنان لخيالك و تنطلقي…
السلام عليكم ورحمة الله ماشاء الله على الاستادة خلود اللتي اتاحت لنا الفرصة للتعرف على الاستادة روان افكار مفيدة لكل ام او مدرسة نسال الله ان يعلمنا علما نافعا و… اقرئي المزيد »
أستاذة روان أنت راااائعة ومبهرة أنت كنز .. بارك الله فيك ونفع بك وزادك من فضله .. تدوينة رائعة بحق نافعة للأمهات وللمعلمات بل وحتى للفتيات اللاتي يردن أن يكن… اقرئي المزيد »
امين❤❤
وفقنا الله جميعا لانشاءجيل نصر الامة
رائع روان…جزاك الله كل خير
واياكم حبيبتي❤
افكار جميله ورائعه… جزيتي، خيرا
واياكم