أريدك الآن ان تسترخي.. أن تجلسي لوحدك.. خلوة لعدة دقائق.. نجلس هنا سوية.. اعتبريها لحظة فاصلة في حياتك الان.. واستمعي لي.. تخيلي الان.. أن لديكِ أشخاص يحبونك كثيرا… كثيييرا.. يدعمونك في كل شيء.. شخص.. او شخصين… ثلاثة.. العدد الذي تحبيه تخيليهم دائما بجوارك.. في ظروف الحياة الصعبة معك مهما مررتِ من قهر.. ظلم.. ألم.. هم بجوارك.. يمسحون دمعتك.. ويهدؤون نفسك هؤلاء الاشخاص اقرب الناس إليك.. هم من يعطون للدنيا حلاوتها.. وجمالها.. هم من يعطوكِ الطاقة للاستمرار يوما آخر.. هم من يشكلون حاجزا بينك وبين قهر الناس.. وتعديهم.. فتعيشين هادئة مطمئنة.. مرتاحة البال.. انهم بجوارك..
تخيلي أنك.. وفي خلال عام واحد.. فقدتِ كل هؤلاء.. أعز الناس لكِ.. لم يتبق منهم أحد.. ماتوا.. وتركوكِ وحدك.. تواجهين الحياة بقسوة.. دون سند.. تواجهين ظلم.. وجبروت.. ومكر الناس وحدك.. لا تستطيعين الاستمرار.. فتفرين الى مدينة آحرى.. علك تجدين فيها من يعينك.. من يدعمك.. من يبتهج في وجهك فتجدين أن المدينة الأخرى.. أبشع من الأولى.. كل الوجوه مكفهرة.. كل النفوس متحفزة لنهشك حية.. تخيلي كل ذلك.. وفي قمة الظلم.. الألم.. الإحباط.. الفزع.. تجرين أذيال الخيبة.. إلى اطراف المدينة.. تستظلين تحت شجرة.. وقد اغرورقت عيناكِ بالدموع.. وتضعين رأسك بين يديك.. باكية.. وحيدة.. فتنظرين الى السماء.. تتأملين من فيها.. تعلمين أنه هو وحده هناك.. أقرب ما يكون لك.. فتدعين.. ادعي معي الان:
اللهم إليك أشكو ضعف قوتي.. وقلة حيلتي.. وهواني على الناس.. يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين.. وأنت ربي.. إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني؟؟ أم الى غريب ملكته أمري؟ إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي ولكن عافيتك أوسع لي أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات.. وصلح عليه أمر الدنيا والاخرة من أن ينزلي علي غضبك أو ان يحل بي سخطك لك العتبى حتى ترضى.. ولا حول ولا قوة الا بك..
أنتِ الان.. في موطيء قدم الرسول عليه الصلاة والسلام.. على أطراف الطائف.. بعد أن خرج الرسول عليه الصلاة والسلام.. يائساً من ظلم قريش.. بعد أن فقد عمه أبا طالب.. الذي كان يدافع عنه ويدفع أذى قريش.. بعد أن فقد زوجته الحبيبة خديجة.. التي كانت تواسيه وتمسح عنه دمعته وتنسيه همومه وتنفق عليها ماله.. فقد أعز الناس.. فخرج يبحث عمن يصدقه.. ويدعمه من بعدهما.. فلم يجد.. وجر قدميه تحت الشجرة في اطراف الطائف.. مهدوداً.. متعباً.. يائساً.. محبطاً.. دامياً.. مهيضاً.. مكسوراً.. لكنه لم ينس رب السماء.. لم ينس تلك اليد الخفية التي تحيطه برعايتها.. وترى كل شيء.. فرفع رأسه ودعا.. تخيلي نفسيته.. تخيلي ضعفة وحاجته وألمه.. وتخيلي حجم الظلم الواقع عليه.. فيأتيه الملك جبريل عليه السلام.. ويقول له ان تأذن أطبقت عليهم الاخشبين.. فقال لا.. لعل الله يخرج من اصلابهم من يوحد الله ولا يشرك به شيئا.. (او كما قال عليه السلام)..
أنا هنا أقول لك..
لن تجدي موقفاً في حياتك.. أصعب مما مر عليه الصلاة والسلام.. وغيرها الكثييير من المواقف.. لكن الرسول عليه الصلاة والسلام.. كان عنده يقين عجيب.. حسن ظن بالله.. أن الامور ستتغير للافضل.. أن الله يدخر له الافضل.. لان الله يرى الصورة كاملة.. وهو عليه الصلاة والسلام ما عليه الا بما أمره الله عز وجل.. وقد كان بوسعه الانتقام.. في الطائف.. وفي فتح مكة.. لكنه صلى الله عليه وسلم.. عاملهم بأحسن ما يعامل.. يقينا منه بأنهم عاملوه بأحسن ما يعرفون..
بمعنى..
أن من ظلمك.. آذاك.. قهرك.. قد يكون فعل ذلك بشكل متعمد أو غير متعمد.. فإن فعلها بغير عمد.. فلا عتب عليه أصلا.. وان فعلها متعمدا.. فكوني على يقين.. بأنه عاملك بأفضل ما يعرف.. بأفضل ما يفهم في الحياة.. بأفضل ما تحصل من خبرات وتجارب… قد يكون تربى في بيئة سيئة.. فتعلم الخبث.. قد يكون تربى بين الاصنام.. فتعلم الشرك بالله.. قد يكون تربى بين الوحوش.. فتعلم التعدي على خلق الله.. أيما كان.. هو لم يؤذيك.. إلا بأفضل ما يعرف.. وهذه هي قدراته فيه الحياة.. نعم هو مسؤول.. ومحاسب.. ولكنه عاملك بأفضل ما يعرف.. فعامليه أيضا بافضل ما تعرفين.. إما أن تسامحي… أو لا تسامحي.. والتسامح فن.. قليل من يتقنه..
**(في ليلة النصف من شعبان يغفر الله لأهل الأرض إلا لمشرك أو مشاحن ) صحيح الجامع
التسامح لا يعني النسيان.. لأننا لا ننسى.. وعلينا أن نتعلم الدرس.. ونضع الحدود.. ونصنع شخصية جديدة.. والتسامح لا يعني ان تتركني وشأني.. ولا اريد أن اتعامل معك مرة أخرى.. لأنك قد تضطرين للتعامل مع الشخص المرة تلو المرة.. التسامح أن تري في الشخص شيئين:
أن تري أنه مسكين.. ليس لديه أفضل مما فعل معك.. وأن الله أعطاه هذه القدرات المحدودة في الحياة.. ليكون سببا في أذية غيره.. فتدعين له بالهداية والصلاح والقدرة على تغيير نفسه.. وتمضي في حياتك.
وأن تري أنه لا علاقة أبدا.. بما تحملين على ظهرك من ألم.. هذا الشخص.. نهائياً.. ليس لديه أدنى فكرة عما تفكرين او تتجرعينه من ألم وغضب طوال حياتك بسببه.. قد يكون يعيش حياته بشكل طبيعي تماما.. مستمر في ظلم غيرك.. أو تاب الله عليه.. لكنه لا يدري.. ولا يعنيه أصلا.. أنتِ فقط.. من تتحملين هذا الألم.. وتتجرعينه المرة تلو المرة تلو المرة.. وتحملين هذا الألم.. والغضب.. والحنق.. والغصة.. في قلبك.. وصدرك.. في كل مرة تتذكرين.. دون حتى أن يغير هذا الأمر من افعال الشخص او توبته او حتى ماضيه معك.. تعانين وحدك.. تتألمين وحدك.. تنغصين على نفسك حياتك.. وحدك!
هل يستحق؟؟؟ فكري فيها فعلا.. هل يستحق هذا الامر؟؟؟؟
تخففي.. بالله عليكِ تخففي الآن..
انا بالبداية قلت.. أنتِ بشر.. ومن حقك ان تتألمي.. من حقك أن تشعري بالغضب.. لكن فرغيها صح.. وتعلمي من الرسول عليه الصلاة والسلام:
اجعلي حولك احباباً.. يدعمونك باستمرار.. تمسكي بهم دائما.
ان فقدتِ الاحباب.. ابحثي عنهم.. اخرجي من بيئتك.. غادري قوقعتك.. وابحثي عن الصحبة الصالحة التي تدعمك.
ان فقدت الصحبة الصالحة.. تذكري دااائما.. أن الشكوى لله عز وجل.. هو القريب.. هو العزيز.. وان العالم لو كله غضب.. أو آلمك.. فإن رضى الله سبحانه وتعالى يكفيك… وينسيكِ غضب العالم كله من كان مع الله.. كان معه كل شيء.. ومن فقد الله.. فقد كل شيء..
وليتك تحلو والحياة مريرة.. وليتك ترضى والانام غضاب وليت الذي بيني وبينك عامر.. وبيني وبين العالمين خراب..
ما يهمك هو الله.. ما بينك وبين الله.. هو المقياس وبس.. وبعدها ينحرق العالم بأكمله.. ولااا يهمك أي شيء آحر..
تعلمي من الرسول عليه الصلاة والسلام.. الأمل.. الأمل في الناس.. الأمل في تغيير حالك.. ما بين غمضة عين وانتباهتها.. يبدل الله من حال الى حال
بالله عليكِ بعد ذلك الموقف… كم مر على فتح مكة؟؟ الفتح الاعظم؟؟ 10 سنوات؟ ربما كثيرة بالنسبة لك.. لكنها قليلة في عمر الزمن.. وانقلبت الامور 180 درجة الخوف انقلب أمنا… والحزن انقلب فرحا والضعف انقلب قوة والذل انقلب عزا.. فكري فيها.. فكري كيف أن الله.. القوي.. العزيز.. الجبار.. يمكن أن يقلب حالك 180 درجة.. فقط بوجود الأمل في قلبك.. وحسن ظنك به تعالى..
التسامح ليست مسألة انه ما بيني وبين فلان شيء.. ونسيت اساءته.. إياك! التسامح كل النقاط التي ذكرتها بالاعلى..
ولا تحملي في ظهرك ألما حول ما لا يستحق.. لانك أنت تحملينه وحدك.. وهذا الالم لن يغير اي شيء في العالم.. ولا حتى من ظلمك وآذاك..
ارمي حملك على رب العالمين.. اشكي له.. اطلبي منه الرضى.. وأحسني الظن به.. وشوفي كيف يقلب كللللل مخاوفك التي عشتها 180 درجة..
شاهدي هذا الفيديو الرائع.. وستتعلمين من قصة السيدة هاجر.. اروع الأمثلة.. في التوكل على الله.. وحسن الظن به.. حتى لو تجمعت كل مخاوف الأرض في صعيد واحد:
أسأل الله العظيم.. رب العرش الكريم.. أن لا تمر ليلتنا هذه .. وفي قلوبنا شحناء على احد.. أو ألم او غصة او غضب من أحد.. أسأل الله العظيم.. رب العرش الكريم.. أن يبدل أيامنا فرحا.. وأن يغير حالنا الى أحسن حال.. وأن يعيننا على تبليغ رسالتنا في اعمار الارض.. وأن يقيض لنا من يعيننا على هموم الدنيا.. وغصاتها.. وينسينا ما كان من ظلم الناس.. وأسأل الله العظيم.. رب العرش الكريم.. أن يكون هو مؤنسنا.. وأن يكون نبيه معلمنا.. وصاحبنا.. وشفيعنا يوم القيامة.. يارب آمين!
قبل ١٠ أعوام.. ديسمبر ٢٠٠٩.. نقرت أصابعي على الكيبورد بأول مقال لإستروجينات.. كانت بداية متفائلة مفعمة بالحياة.. ضيّفت... ١٠ سنوات و ١٠ دروس من إستروجينات تابعي القراءة..
ڜكرا أستاذة مازالت لدي بعض اللوم والقلق لا اعرف لم أعد أعرف مكانتي عند زوجي أحس عند أول منعطف سيتخلى عني أحاول بناء نفسي وأتابعك لاعرف كيف وفقك الله
أمينة
28 يونيو 2017 1:19 ص
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كل عام و أنتم بخير و عافية و رضى مازلت جديدة في المدونة هنا و مازلت أغرف من نبعك أستاذتي و كلي انبهار بكل تفصيلة… اقرئي المزيد »
امنة
12 مايو 2017 10:08 م
كلام في قمة الروعة بعد الفراق والألم والبغض الذي دائما ما نبقيه في قلوبنا بسبب فكرة ما او تصرف خاطئ لا يسعنا إلا أن نتسامح لكي ينجلي كل ما اوقعنا… اقرئي المزيد »
الله مقال جاء في وقته لليلة نصف شعبان و استعداداً لرمضان ما أجمل كلماتك أستاذة خلود جاءت بلسماً على أوجاعنا، و تذكيراً بآلام سيد البشر عليه الصلاة و السلام فعلاً… اقرئي المزيد »
نهى
12 مايو 2017 12:35 ص
جزاكى الله خيرااا المقال ده جايلى انا انا على مدار السنه اتظلمت من زوجى واتظلمت من اختى ومن امى وشايفه الندم فى عبنهم ولكن لا احد يحاول يطبطب او يقول… اقرئي المزيد »
ڜكرا أستاذة مازالت لدي بعض اللوم والقلق لا اعرف لم أعد أعرف مكانتي عند زوجي أحس عند أول منعطف سيتخلى عني أحاول بناء نفسي وأتابعك لاعرف كيف وفقك الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كل عام و أنتم بخير و عافية و رضى مازلت جديدة في المدونة هنا و مازلت أغرف من نبعك أستاذتي و كلي انبهار بكل تفصيلة… اقرئي المزيد »
كلام في قمة الروعة بعد الفراق والألم والبغض الذي دائما ما نبقيه في قلوبنا بسبب فكرة ما او تصرف خاطئ لا يسعنا إلا أن نتسامح لكي ينجلي كل ما اوقعنا… اقرئي المزيد »
ياااااااه جممممميل جاااء بووقته…الم وظلللللللم ويتلذذذ زوجي بقهري وظلمي اااااه رباااه…
الله مقال جاء في وقته لليلة نصف شعبان و استعداداً لرمضان ما أجمل كلماتك أستاذة خلود جاءت بلسماً على أوجاعنا، و تذكيراً بآلام سيد البشر عليه الصلاة و السلام فعلاً… اقرئي المزيد »
جزاكى الله خيرااا المقال ده جايلى انا انا على مدار السنه اتظلمت من زوجى واتظلمت من اختى ومن امى وشايفه الندم فى عبنهم ولكن لا احد يحاول يطبطب او يقول… اقرئي المزيد »