((لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ))
آل عمران (92)
رسالتك في الأرض أن تستخلفيه..
أن تؤمني بأسمائه وتتحلي بصفاتها..
اسمه “البَر” وهو أجود أنواع الإحسان.. بل أصل ومنبع الإحسان كله..
فكأنما يقول لكِ:
إن أردتِ أن تصلي الى أعلى مراتب الإحسان..
إن أردتِ ان تحققي أحد أهداف خلقي لكِ.. واستخلافك في الارض..
فأحسني كما أُحسن أنا لخلقي..
وكيف يُحسن هو لخلقه؟
يقدم لهم أجود أنواع النعم.. دون أن يسألوه!
هل سألتِ نفسك يوما.. كم من النعم الرائعة التي تتمرغين فيها كل يوم..
دون حتى ان تسأليه؟
ابتداء ان رزقك الإسلام..
مروراً بصحتك.. تواصلك مع الناس.. تفكيرك.. مشاعرك.. علمك.. أخلاقك.. المال في يدك.. الأهل من حولك..
الزواج.. الأمومة.. البيت.. المسكن.. كوب اللاتيه اليومي.. حواسك الخمس كلها..
الانترنت..
حب الاستطلاع والقراءة..
حب الطبخ..
حب الأطفال.. والرحمة بهم..
كم أملكِ انا وأنتِ مما نحب.. دون أن نسأله؟
كثييييييييييرا..
وكم أشعر بالامتنان أنا وأنتِ مما نحب؟
امممم.. سؤال صعب!
لن تنالوا البر..
كلمة “لن تنالوا” وحدها كافية لتقدح شرارات التحفيز..
تماماً كأن يقال لكِ: لن تنالي هذه الوظيفة.. حتى تفعلي كذا وكذا..
وكأننا كلنا.. نتنافس لننال البر..
وكأنما خُلقنا له.. ونبحث عن أي طريقة.. أي وسيلة لنناله بالنهاية!
طيب.. بصراحة..
إذا كان البر صفة من صفات الله سبحانه وتعالى..
إذا كان البر هو قمة الإحسان ومنتهاه.. ولا يفعله إلا الخالق..
كيف يخاطبني ويخاطبك الله عز وجل.. وكأننا نستطيع أن نناله؟
أليس هو كامل الصفات أصلا؟ ونحن بشر نواقص؟
من الجميل التفكر في هذا الطلب من الله عز وجل.. والذي لم يأتِ أصلا على صيغة طلب..
إنما بصيغة التحفيز والتشجيع واستثارة الهمة والمنافسة..
“لن تنالوا البر..”
ويحضرني هنا مقتطف من كتاب أحدث ثورة في عالم الغرب، في فن التواصل مع الآخرين
عنوانه: “التواصل اللاعنيف: لغة حياة” للدكتور مارشال روزنبرغ..
يقول فيه (بتصرف):
“نحن جميعاً ندفع الثمن عندما يستجيب الناس لقيمنا واحتياجاتنا بدافع الخوف أو الشعور بالذنب أو الخجل، وليس عن رغبة في العطاء من القلب. إذ عاجلاً أو آجلا.. سوف نرى مشاعر الود تخبو لدى هؤلاء الذين يخضعون لقيمنا واحتياجاتنا.. نتيجة إحساس خارجي أو داخلي بالقهر، كما أنهم يدفعون ثمناً من عواطفهم ومشاعرهم، لأنهم من المرجح أن يشعروا بالاستياء.. والسخط.. وتدني تقدير الذات عندما يلبون احتياجاتنا نتيجة شعورهم بالخوف أو الذنب أو الخجل. وعلاوة على ذلك.. ففي كل مرة يرتبط في أذهان الأخرين معنا بتلك المشاعر، فإننا نقلل من احتمال استجابتهم لنا في المستقبل لاحتياجاتنا ومتطلباتنا!”
ما علاقة الكلام أعلاه بما نتحدث؟؟
العلاقة يا عزيزتي بسيطة..
أن الله سبحانه وتعالى يرشدني وإياكِ.. إلى أبسط الطرق التي توصلنا إليه..
أبسط الطرق.. التي تحقق فعلا.. معنى استخلافنا في الأرض..
البر يا عزيزتي ليس غاية.. انما وسيلة..
والهدف ليس الانفاق مما نحب.. لننال البر..
إنما إصلاح علاقتنا بالله جل وعلا..
لتكون علاقة حب لا مشروط..
لا علاقة خوف.. أو شعور بالذنب.. أو خجل!
كم من الالتزامات الدينية التي نفعلها في حياتنا.. يومياً..
يومياً..
وتكون من منطلق مثلث المشاعر السلبية:
خوف أو إحساس بالذنب أو خجل؟؟!!
ليخبو الود تدريجيا… وتخبو الرغبة في العبادات أصلا!
الله سبحانه وتعالى في غنى أن نتقرب إليه أو أن نعبده عبر تلك المشاعر..
الله سبحانه وتعالى في غنى من أن يصلك الإحساس بالملل.. او الفتور عن عبادته..
بسبب شعورك أنك مجبرة على طاعته.. بدافع الخوف او الشعور بالذنب أو الخجل!
هو بر..
هو أصل الإحسان ومنبعه..
وهو من يعلمنا كيف يكون الإحسان في العلاقة بيننا وبينه..
ويعلمني وإياكِ.. أن البر.. لن نناله.. إلا عندما ننفق مما نحب..
أي شيء.. وكل شيء..
المهم.. أن يكون “عن رغبة في العطاء من القلب”
أن يكون مما نحب.. وأن نقدمه بحب!
وما نحب هنا.. ضعي تحتها مليووووون خط..
ليس المال وحده..
وليست المادة وحدها…
بل كل ما تحبينه.. وتشعرين أنه “خارج من القلب”!!
تذكري النعم أعلاه.. التي كتبتها لكِ.. “وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها”
تذكري كيف يمكنك الإنفاق من كل نعمة.. مما تحبين.. وبحب!
أتذكر قصة قرأتها.. لشخص عجوز.. كان يكفل أرملة مع أولادها..
أخذ صديقه معه لزيارة تلك الأسرة..
وما إن دخل عليهم.. رأى صديقه كيف يتهلل الأطفال بمجرد وصوله..
ويتلقفون منه صندوق الشوكولاته الذي كان بيده ليتناولوها في نهم.. والأرملة مستبشرة تلهج بالدعاء له…
فتعجب الصديق وقال: أفلا تصدقت عليهم بالمال.. فهم أحوج منه من الشوكولاته!
فأجاب العجوز ضاحكا: ظرف المال أضعه دائما داخل الصندوق..
لكنني شخص أعشق الشوكولاته.. وأحب أن انفق منها.. فأحضر لهم دائما من النوع المفضل لدي!
حركة بسيطة.. ذوق يعني..
لكنها قد تكون عند الله كبيرة!!!
يكفي إحساس الحب الذي غلف الشوكولاته.. الذي قد يوصل صاحبه لأعلى درجات البر.. و”إنما الأعمال بالنيات”
قبل أكثر من عام.. أرسلت شحنة من كتابي الأجندة “يوميات حب XL”.. فوصل لصاحبته للأسف ممزق الأطراف بسبب سوء تقديري في التغليف..
راسلتني تشتكي.. دون أن تطلب كتاباً بديلا.. إنما تنويه فقط..!
ما كان مني إلا أن ارسلتُ لها نسخة جديدة أخرى.. مع نسخة إضافية كهدية..
النسخة الأولى كانت اعتذارا مني.. وتقديراً لأسلوبها الراقي في التواصل..
والنسخة الثانية كانت لأني أريدها أن تهديها لصديقة تحبها..
ان تتشارك الحب!
مر على ذلك الموقف فترة طويلة.. لكنني لم أنساه..
لأفاجأ بصديقة قارئة.. تعرفتها عبر الانترنت.. واشترت عدة نسخ من كتابي.. تريد أن تهديني بدورها عدة كتب..
أسعدتني بمبادرتها.. كوني في بلد لا تتوفر فيه الكتب العربية.. فطلبتُ منها على استحياء كتابين أرغب في قراءتهما..
أرسلت الشحنة قبل شهر.. وجميع صور الآيات التي تم اختيارها لمسابقة “ربيع قلبي” تم إعدادها قبل شهر أيضا..
إلى أن وصلتني البارحة فقط.. لتصيبني الدهشة من عشرات الكتب التي أرسلتها تلك الصديقة!
كنتُ طوال الشهر أتساءل عن الحكمة في كل هذا التأخير.. وكل العقبات التي وُضعت لتؤخر وصول الشحنة..
وعندما وصلت الشحنة بالأمس فقط.. تذكرتُ فورا.. موقف كتابي الهدية الذي أرسلته بحب..
كترجمة عملية للآية التي سأكتب عنها في اليوم التالي: “لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون”
وربي من فوق سبع سماوات..
البر الرحيم..
أصل الإحسان ومنبعه..
إحسان في التوقيت.. إحسان في العطاء.. إحسان حتى في المشاعر التي أوصلها لي!
يقول لي: “هل جزاء الإحسان إلا الإحسان“؟ ❤
أرضيه بالإنفاق مما تحبين.. من أي نعمة أكرمك بها..
وقتك.. مالك.. كلامك.. كتاباتك.. مشاعرك.. نومك.. يقظتك.. تواصلك.. اهتمامك.. رعايتك.. علمك.. عملك.. تطوعك..
وسوف يدهشك بالإحسان الذي سيبادلك إياه.. وتتذوقين طعم البر من خلاله..
علاقة بر وإحسان.. ودهشة وإدهاش..
علاقة حب.. بين خالق ومخلوق..
وهل بعد هذا من إحسان؟
(شاركي بالتعليق في الأسفل أو على صفحة الفيسبوك: بخاطرة.. او تجربة.. أو قصة.. حول الآية المختارة.. لتحصلي على فرصة الفوز في مسابقة “ربيع قلبي ❤”)
(ملاحظة: تم فتح باب التعليقات في الأجزاء السابقة)
السلام عليكم أستاذة خلود اليوم مقالك لامس قلبي جدا…. تذكرت موقف لي عندما كنت صغيرة كانت لدي بعض النقود واردت ان اشتري مثلجات لي وقد وعدت قريبتي احبها جدا بواحدة… اقرئي المزيد »
مقال جميل .. إن الله هو البر الرحيم .. أحسن الله إليك
من إحسانك أن تعطينا يومياً من وقتك لتساعدينا في الدخول لعالم التدبر كم أشكر لك هذا الكرم، أسأل الله أن يتقبله بقبول حسن سامح الله مَنْ يعترضن على سعر دورتين… اقرئي المزيد »
لا تحزني يا مها هذه تجارة مع الله لا تعرف أرباحها اﻵن. والله تعالى قال لنبيه: “فذكر إن نفعت الذكرى * سيذكر من يخشى * و يتجنبها اﻷشقى” وقال له… اقرئي المزيد »
منذ بداية مقالك و أنا أبتسم فرحاً من جلال الله ، و أقتبس كلماتك: رسالتك في الأرض أن تستخلفيه.. أن تؤمني بأسمائه وتتحلي بصفاتها **** و كيف نؤمن بها و… اقرئي المزيد »
من أجل العبوديات أن نتعبد الله بمقتضى أسمائه الحسنى راجين منه سبحانه أن يعاملنا بها. فنعفو عن خلقه ليعفو عنا و نكرمهم ليكرمنا، وهذا معنى “فادعوه بها” فالدعاء يشمل السؤال… اقرئي المزيد »
بعد هذا التدبر العميق والرائع للاستاذة خلود
يحضرني قول وهو
*(ابذل الحب تحصد حباً )
*(وماجزاء الاحسان الا الاحسان)
-السلام عليكم ماشاء الله تدبر رائع للاية الكريمة اقرا وانا مبتسمة ومطمانة بعد هذا التدبر الرائع جزاكي الله خير استاذة خلود ما اجمل ان نتحلى بالأخلاق الطيبة والسلام الداخلي للنفس… اقرئي المزيد »
الله يا ا.خلود ❤ حضرتك ذكرتيني بالآية ” قُلْ بِفَضْلِ اللَّه وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا” ربي يدهشك بعطائه وفضله وكرمه ويفرح قلبك مثلما فرحتيني فعلا سبحانه توقيته بيبقي انسب توقيت في… اقرئي المزيد »
فتح الله عليك أختي أم ريم .. فعلا طريقة رائعة وفعّالة في غرس تعاليم وقيم ديننا السمح الجميل في عظمة .. ورحم الله أباك فقد ترك فينا بعد نقلك لهاته… اقرئي المزيد »
من منا لا يريد ان يكون من البارين ولكن كيف نصل الى هذا المستوي سيكون بجهد واخلاص النيه في العطاء وان نعطي ما نحب هذه من اصعب الأشياء على الانسان… اقرئي المزيد »
فتح الله عليك أختي أم ريم .. فعلا طريقة رائعة وفعّالة في غرس تعاليم وقيم ديننا السمح الجميل في عظمة .. ورحم الله أباك فقد ترك فينا بعد نقلك لهاته… اقرئي المزيد »
بارك الله فيك استاذة خلود على اختيارك هذه الاية بالذات ومن سورة آل عمران هذه السورة… اذا ما ذكرتها والله ذكرت الحب .لقد تكرر الحب في عدة ايات منها.لقد جاء… اقرئي المزيد »
اذكر عبارة لأحدى معلماتي الرائعات عندكا واجهتني مشكلة كنت اراها كبيرة وقتها كنت في الإعدادية يعني قبل عشر سنوات تقريباً قالت لي { ازا رح تضلي تلاحقي ورا الناس حتى… اقرئي المزيد »
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ….. ما اجملها من آية … بل وهي دليل واضح من الله لمن يريد الجنة والثواب أن يقدم لله أغلى ما… اقرئي المزيد »
كلامك رائع استاذة خلود. هذه الاية من سورة آل عمران،السورة التي اذا ما تبادرت الى ذهني تبادر الحب. تتكرر كلمة الحب فيها ،وتحرك المشاعر.فبعد ان ذكر الله عز وجل حال… اقرئي المزيد »
أمنا أم المساكين رضي الله عنها وأرضاها،ومن هنا لقبت، السيده زينب..عندما كانت تتصدق بالمال كانت تعطره ..اي تضع به طيباً..وتقول :انه يقع في يدي ربي قبل يد المحتاج.. تفكير راقي..اسلوب… اقرئي المزيد »
لن تنالو البر حتى تنفقو مما تحبون .. سبحان الله كل ما مررت بها تحدث اثر في نفسي ! و اليوم بحثت في المعجم عن معنى كلمة البر {خير واتساع… اقرئي المزيد »
الله تعالى يقول (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) الصدقه لا تعني المال فقط الصدقه أكبر من ذلك قد نتصدق بعلمنا بتعليم طفل أو نتصدق بتعليم إنسان، و ما… اقرئي المزيد »
سبحان الله .. كأنها دعوة للحبّ .. دعوة لحملات العطاء لا منتهية، فما تمّ وصله بالله محال ينقطع !! هي إطلاق العنان لمكنوناتنا المحبّة للخير .. فلا ندع بابا من… اقرئي المزيد »
الله علي تعبيرك ا.سميرة ❤ “سبحان الله كأنها دعوة للحب… دعوة لحملات العطاء لا متنهية .. فما تم وصله بالله لا ينقطع” ❤ أحييك علي هذه الكلمات❤ماشاء الله لا قوة… اقرئي المزيد »
الله يرضى عليك عزيزتي أم ريم .. هذا من جميل تواصعكم ..
سلمت وسلّم الله ريمنا
سبحان الله مأروع هذا الكلام أعاننا الله على تطبيقه ، والله بالفعل لماتكون العبادة نابعة من حب نستمتع بها فالانفاق بحب ينقي النفس من الشح والبخل وأكون فزت بالبذل والسخاء… اقرئي المزيد »