الجزء الثامن
((قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ ۚ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ))
الأنعام (140)
ما أكثر ما تُقتل الأنفاس اليوم.. قتلاً بطيئاً.. يمتد من سنوات العمر الأولى..
ما أكثر ما يتم وأد الفتيات (والفتيان) في زمننا هذا..
تارة باسم الدين.. وتارة باسم العادات والتقاليد..
وتارة باسم الأمومة المغيبة.. المشغولة في ملهيات الدنيا.. من طبخ وفسحات وانترنت!
كنتُ مرة أتسوق.. وعند الدفع.. كانت هناك أم تنهر ابنها لأنه جاء بحلوى يريد شراءها.. فوصفته بـ “الغبي”
تأملتُ في كلمتها… وأنا أنظر للطفل الذي استحق هذا الوصف.. ولم أجد بينه وبين الغباء شيء..
من حقه الطلب.. ومن حق الأم أن ترفض وتوضح السبب..
ما علاقة الغباء بالموضوع؟؟؟
لماذا نستسهل وصم هذه القلوب الغضة الطرية.. وهذه الأنفس الصغيرة العظيمة بألقاب أقل ما يقال فيها أنها “تجرح”..
يوووووه يا أستاذة.. تربينا على الشتائم طوال عمرنا.. وشوفينا الان.. عادي ولا كأنه صار شي.. وأولادنا كمان ما بيصير لهم شي!!
للأسف نعتقد أن الطفولة المليئة بأدوات التعذيب الجسدي والنفسي.. بحجة التأديب والعقاب.. ستمر بشكل عادي..
ظناً أننا هكذا نصنع الرجولة.. وهكذا تكون التربية!!
وصلتني رسالة من أم.. تشتكي أن ابنتها (5 سنوات) تُتأتئ.. تخاف الناس ومنكمشة على نفسها.. وأشارت على استحياء بأن معلماتها في المدرسة يضربونها كأسلوب تأديبي دارج وعادي في المدرسة..
فهل تغير المدرسة؟؟ ولكن هذه افضل مدرسة بالبلد. ماذا تفعل؟؟؟
التأمل وحده يوجع القلب.. فما بال أن أعيش نفسية تلك الطفلة؟؟؟!!!
كونهم لا ينطقون.. ولا يستطيعون التعبير عن أنفسهم.. لا يعني أنهم لا يعانون..
لا يعني أنهم يتوجعون يومياً.. من قهر التأديب الفاحش.. الذي يبدأ من صفع الوجه.. وضرب جميع أجزاء البدن..
إلى الإهانة النفسية.. وتقبيح الأفعال او الاستهزاء بها.. وأمام آحرين!!
فتاة في العشرينيات… تشتكي لي من أنها تعاني من احتقار والدتها لها.. بأنها فاشلة.. لا تصلح لشيء..
فتتحداها وتجد وتجتهد.. حتى تستطيع الحصول على معدل جيد تستطيع به الدخول لأي تخصص تريد..
وتبدأ الجامعة.. لتعيد الأم نفس الموال والطنطنة.. بأنها لا تستحق هذه الجامعة.. ولن تفلح في المتابعة!!
ليش؟
إيش مشكلتك معها؟
ماذا تريدين منها بالضبط؟؟؟
أريد فقط أن أفهم نفسية الأم.. (أو الأب).. حينما تحتقر ابنتها (أو ابنها).. عشرات المرات يوميا..
وتصفها بأشنع الصفات.. وتناديها بأقبح الأسماء..
وتزعم أنها لن تفلح في حياتها في شيء.. ولن تسمو لتوقعات الأم الخرافية..
ثم بعد ذلك كله.. تفاجأ.. وتغضب.. وترغي وتزبد.. أن ابنتها بالفعل.. لا تفلح في شيء!!!
أبعد أن أنتزعتِ كرامتها الإنسانية… ونسفتِ مشاعرها الرقيقة.. وأنهيتِ لها أي رغبة..
أبعد ذلك تنتظرين أن تُفلح في شيء؟؟
قد خسر الذين قتلوا أولادهم..
في إحدى محاضراتي بالجامعة.. عن اساليب التحفيز.. كانت الأستاذة قد أعدت “ستيكرات” لاصقة..
وطلبت أن نضع واحدة منها على جبهاتنا.. دون أن نقرأ ما عليها..
ثم طلبت من كل واحد منا أن يتحدث مع الآخر.. بناء على الوصف الموجود على هذا الستيكر..
كانت تجربة.. بل نقطة تحول في الحياة!
جربي..
أستحلفك بالله أن تجربي..
اطلبي من ابنائك اليوم.. أن يكتبوا الألفاظ التي تنعتينهم بها يوميا (يومييييا)..
ثم تناولي واحدة وألصقيها (أوصميها) على جبهتك.. دون أن تقرئي ما عليها..
واطلبي من أبنائك أن يعاملوكِ على أساس ما هو مكتوب في الورقة..
تخيلي أن المكتوب هو:
حمارة..
غبية..
متخلفة..
بليدة..
هبلة..
تخينة..
بشعة..
بنت…..
ملعون…..
(قائمة طويلة… أنتِ أدرى بها!!)
ما شعورك الآن؟
شعور صعب صح..؟
شعور مقرف.. ومقزز.. يجعل نفسك تتضاءل وتتصاغر داخل قمقم.. فترفض الخروج للحياة!
وتعتقدين أن إمعانك في الشتم.. وبذاءة اللسان مع أولادك… تخرجيهم رجالا.. يتحملون مصاعب الحياة..
للأسف..
إمعانك في الشتم لا يعني سوى أنك لا تجدين ما تقولينه لتوجهيهم..
إمعانك في الإذلال النفسي لا يعكس سوى نفسيتك المريضة التي تريد الإنتقام (غالبا بسبب طفولتك)
إسهابك في الانتقاص والانتقاد والبهدلة والشرشحة لا يُفهم منه سوى: أن كل إناء بما فيه ينضح..
لو كان مسكاً فمسك..
ولو كان مجاري.. فمجاري!!!!
قد خسر الذين قتلوا أولادهم..
وأبشع ما يمكن أن يحدث.. حينما يوغل الأبوين في العقاب الجسدي..
بالضرب أو الحرمان..
فيضرب.. ويضرب.. حتى يسيل الدم.. أو تبقى آثار يديه على جسد الطفل..
بدعوى “التأديب”..
اسأله سؤالا واحدا:
لو جئنا بك وأنت طول بعرض.. فقيدناك.. وضربناك.. وعذبناك (بما يتناسب ومستوى الألم الذي يجب أن يفوق طاقة تحملك)
هل ستتعلم الدرس؟ هل ستطيق؟ هل ستنظر في وجه معذبك فتحبه وتحترمه؟؟
إن كان جوابك لا..
فمن باب أولى أن يكرهك ولا يتحمل الجسد الغض الطري وعظامه الرقيقة!!
سفهاً بغير علم..
من السفاهة أن لا نعرف من الدين سوى “واضربوهم لعشر”..
فننتظر حتى يبلغ أولادنا سن العاشرة.. ونحن نكشر عن ابتسامة المنتصر حاملين العصاية لهم..
هل صليت يا ولد؟ لا . تعال طيب.. وطراخ!
هل صليت يا ولد؟ اه نعم (كذبا). وتكذب علي؟؟ تعاااال وطراااخ!
هل صليت يا ولد؟ طبعا.. وقرأت الأذكار (كذبا). عفية عليك يا ابني.. هات الريموت كونترول افتح على المسلسل!
ويا فرحتي فيكِ إنتي وابنك!
خسرنا أولادنا كقدوة.. وكمعلمين.. وتربويين..
خسرنا نظرة التقدير والاحترام من أولادنا.. فقلنا لهم عكس ما فعلنا..
القدوة…
القدوة يا ناااااس..
والله لو تفلسفتِ على ابنائك من اليوم لبكره.. محاضرات ونصائح..
لن يتذكروا من مقالتك سوى آخر جملة..
والتي غالبا ستكون “روووح.. وجعت لي قلبي خلاص.. يجعلك ما تفلح”
ما هذا الهبل التربوي الذي يعتمد على السبهللة في التعامل والتواصل؟
يعتمد على “ما ألفينا عليه آباءنا”
هناك مقولة شعبية متداولة: دلل ابنك ينفعك.. دلل بنتك تفضحك..
المقولة التي تسوغ لنا عدم الانصاف بين الابناء..
فنفضل البنين على البنات..
ويُعطى الابن كل ما يشتهي.. ويُعفى من المسؤولية ولا يحرم من شيء..
وتُحرم البنت وتدعك و”تكرف” في بيت أبويها.. دون حتى كلمة.. يعطيك العافية.. لأنه أصلا “واجبها”
ولا حب.. ولا حنان.. ولا حضن.. ولا دردشة.. ولا تشجيع.. ولا تحفيز..
فتكون الطامة الكبرى.. عندما يتزوج الابن.. ويستمر في عيش الدور… يريد الدلال والدلع.. ويتنصل من المسؤولية…
وتكون الفجيعة.. عندما تصبر الفتاة على قحط مشاعر أبويها وسوء معاملتهم لها.. وتتزوج لتلتقي بمن يشبه الابن أعلاه!!
يعني لا تهنت في بيت أهلها.. ولا في بيت زوجها!!
تنتحر؟؟؟
والله الانتحار قليل.. لأنه موت مرة واحدة!!
لكنها تموت في اليوم ألف مرة.. حسرة على قلب بوار.. لا يجد من يشبعه عاطفة!
قد خسر الذين قتلوا أولادهم..
إهمالك لرعاية ابنائك وتحسس احتياجاتهم.. قتل للنفس..
تركهم ساعات طويلة أمام التلفاز.. وعلى الاجهزة.. دون ضوابط.. قتل للنفس..
إغراقهم بالدلال والكماليات.. وعدم تحميلهم المسؤوليات.. قتل للنفس..
استخدام العقاب النفسي والجسدي كوسيلة وحيدة للتربية.. قتل للنفس..
تمييزك في المعاملة بينهم.. فتفضلين جنساً على آخر.. أو واحداً على آخر.. قتل للنفس!
عدم إشباعك لحاجاتهم النفسية.. وعدم احتضانهم.. وعدم مدح أعمالهم وتشجيعهم.. قتل للنفس!
عدم تطوير نفسك.. تهذيبها.. قراءة كتب او حضور دورات تربوية.. بدعوى إنك ما تحتاجي.. قتل للنفس!
سكوتك عن أخطاء ابنائك في سن مبكرة.. وعدم مسارعتك لعلاجها.. قتل للنفس..
انشغالك عن ابنائك وبناتك.. فيتعرضون للتحرش من الأقارب.. فيتعذبون وتدمر نفسياتهم طوال حياتهم.. قتل للنفس!
تسخير نفسك بما لا تطيق.. وتضحيتك بكل شيء لاجل أبنائك.. بدعوى الحب والأمومة.. قتل للنفس..
يكفي قتلا والله..
يكفينا مشاهدة حولنا من أموات تمشي على قدمين..
أموات الضمير والروح والقلب..
طيب من أين نبدأ؟
هل من أمل بعد كل هذا الخراب.. ؟ 😩
نعم..
لنبدأ من قوله تعالى:
“ومن أحياها.. فكأنما أحيا الناس جميعا”
واصنعي من الطفولة.. حياة💗
(شاركي بالتعليق في الأسفل أو على صفحة الفيسبوك: بخاطرة.. او تجربة.. أو قصة.. حول الآية المختارة.. لتحصلي على فرصة الفوز في مسابقة “ربيع قلبي ❤”)
كل يوم أقتل أولادي سفها بغير علم دخلت دورات عن التربية وأجد نفسي أتعامل بشكل جيد مع أولادي لكن لا أعرف لماذا أرجع لمعاملتي السابقة معهم يارب سامحني على ظلمي… اقرئي المزيد »
و ذكر إن الذكرى تنفع المؤمنين.. أعاني من نفس الأزمة فالدعاء الدعاء اخية
مقال أحزنني جدا جدا قد ماأحاول أحسن من تصرفاتي مع أولادي أرجع .أعلم أني أملك من المشاعر والمبادئ والأفكار مايؤهلني لأكون أم رائعة ولكن لا أعلم ماسبب تأخري .كلمات أعتصرت… اقرئي المزيد »
لدي ذكريات طفولة قاسية ! لكن هذه الحادثة بالتحديد هي أول من قفزت أمام عيني عند قرائتي للمقال .. كنت في الصف الأول الابتدائي . كسرت زجاج طاولة الوسط وانا… اقرئي المزيد »
لست وحدك حبيبتي… شعرت بكل حرف تكتبيه…لاتكون سجينة الماضي… لكل منا حكايا اوجاع وفيديوهات في الذاكرة لصور اغتيال براءة الاطفال.. اعجبتني جراتك وقوتك في طرح قصتك.. احيييك..لا تقول لو رجع… اقرئي المزيد »
أدمعت عيني. سبحان الله.. أقرأ هذه اﻵية وأنزلها على الكفار الذين كانوا يقتلون أولادهم من إملاق، ولا مرة استشعرت أنها تخاطبنا. مع أن اﻵية تحكي حالنا تماما كما وصفت. حقاً… اقرئي المزيد »
من الآيه والتأمل في الآيات عموما يتبين للانسان أن الله تعالى أنزل القرآن سبحانه كتاب جامع لكل شؤون الحياه فيه الهدايه والارشادات للعباده والمعاملات وأمراض النفوس وعلاجاتها والأن ترشدنا الآيه… اقرئي المزيد »
في الاية الكريمة تاكييد على الخسارة لمن يؤذي اولاده بغض النظر سواء كان متعمداً او سفيهاً يعني امعة يمشي وراء كلام الناس بدون تفكير لان الاولاد في الحقيقة رزق وايما… اقرئي المزيد »
يندى الجبين أننا ندور مع أطفالنا في حلقة مفرغة …نكرر وبنفس البلادة مااختبرنا جفافه وقسوته من قبل ونعيش ذات التجربة المتعفنة ونورثها لأولادنا من بعدنا ….. لاتقتلوا أولادكم !!! ألا… اقرئي المزيد »
تعليقك جميل
في حديث لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه : رحم الله والدين أعانا ولدهما على برهما لا أعلم متى يعي الناس هذا الشيء ، إذ من بر الوالدين لأبنائهم… اقرئي المزيد »
أعني باختيار الزوج(ة) أي حسن اختيار شريك الحياة قبل الزواج ليكون نعم المربي و الشريك في رحلة الحياة
بسم الله الرحمن الرحيم انا أم لطفين يتيمن اجربتني الظروف ان اعيش ببيئة بيت اهل زوجي والان بيت اهلي أريد الحياة لااطفالي كنت عصبيه ومضغوطه والجأ للضرب لماذا كل واحد… اقرئي المزيد »
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله آية جميلة من آيات الله تعالى في كتابه العظيم قتل الاولاد أو وأد البنات …. عن نفسي كأم أرى قتل الاولاد… اقرئي المزيد »
جزاك الله خيرا أستاذة خلود ،،طبعا مهما درسنا في التربية وطالعنا حولها يبقى الاختبار الحقيقي في كظم الغيظ اتجاه الأبناء ،، في توازن النفس ضد الغضب ..وهذا لا يتأتى الا… اقرئي المزيد »
أمي هي رئتي التي اتنفس بها…أما روائعي :نوران وافنان ونور الدين فهم عيناي التي أرى الدنيا من خلالها..
ومع استروجينات تربيتهم بتصير ولا أروع
استهل الله عز وجل هذه الاية ب:لقد خسر ،وعيد شديد بالخسران لمن وادت بسمة البراءة في مهدها،واخاطب الام كوننا في استروجينات،مع بزوغ اولى ساعات حياة براعمها تبدا تشتكي سوء ما… اقرئي المزيد »
ماشاء الله الله يبارك فيكي استاذة كلامك حرك مشاعري بل ودمعت عيناي ايعقل ان يكون هناك اشخاص كارهين لاطفالهم؟ والله غريب في ناس تتمنى من الله ان يرزقها طفل قال… اقرئي المزيد »