((وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا))
الإسراء (29)
هذه الآية عملية جداً..
تختصر مناهج.. وكتب.. ودراسات وبحوث.. حول مبدأ “التوازن في الحياة”..
التوازن الذي يورث الراحة النفسية.. والجسدية.. والاجتماعية.. والدينية.. والمادية.. والأسرية..إلخ..
ليكون ركيزة لانطلاقي وانطلاقك نحو الهدف والغاية من خلقنا:
عبادة الله سبحانه وتعالى وإعمار الأرض!
في مجتمعاتنا اليوم.. نجد صوراً بشعة من انعدام التوازن وترجيح كفة على حساب أخرى..
نجد غلو الآباء في استخدام العنف في التربية.. لتتحول التربية إلى وسيلة لتنفيس عصبيتهم على أولادهم..
غلوهم في محبة بعض الأبناء على حساب أبناء آخرين..
غلوهم في تكليف أبنائهم ما لا طاقة لهم به.. بالأخص فيما يتعلق بالبر…
ليتحول رضا الوالدين ودعوة القلب.. إلى سلاح إذلال في وجه الأبناء لتلبية الطلبات التعسفية!
***
ولا تجعل يدك مغلولة..
ومن صور اللاتوازن في التربية..
إلى صور اللاتوازن في العلاقة الزوجية..
ضعي جانباً الزوج المعدد.. الذي يندر ان يوازن بين حاجات زوجاته رغم النص القرآني الواضح ((فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة))
واحدة يا أخ..
واحدة يا متفلسف قائلا: أنا لها.. أنا لها..
لكن الزوجة ليست ببعيدة عن الغلو في علاقتها مع زوجها..
فهناك من “تُأله” (من التأليه) زوجها.. فلا ترى سببا للسعادة أو حب الحياة إلا عبره!
تطلّق كل وسائل حياتها الأخرى.. وتزهد في محراب الزوج..
تحبه بجنون.. ترفع من سقف توقعاتها.. فتعطي بلا حدود.. وتقهر حاجاتها.. وتدفن كرامتها وأولوياتها..
باسم الدين.. واسم حسن التبعل..
حتى إذا خانها.. أو تزوج غيرها.. أو نهب مالها وزهرة شبابها..
أصابتها الأمراض العقلية والنفسية والجسدية.. وضربت أخماساً في أسداس:
والله ضويت أصابعي العشرة له.. كيف هان عليه أن يفعل ذلك بي؟؟؟؟
والمسكينة نسيت أن الأولوية تبدأ منها..
من نفسها التي نسيتها..
حاجاتها التي أهملتها..
أولوياتها التي عكستها..
((وكلكم آتيه يوم القيامة فردا))
مسؤوليتنا أمام الله سبحانه وتعالى يوم القيامة فردية..
الحساب فردي…
لذلك كان لابد أن تعرفي حق نفسك.. على نفسك أولاً..
تسدي احتياجاتها بما يرضي الله سبحانه وتعالى..
قبل انتظار زوج.. أو وظيفة.. أو دراسة.. أو أبناء.. أو علاقات مع الاخرين..
وقد وضحتُ ذلك عبر تدريب بسيط ابتكرته وأطلقتُ عليه اسم “منبع الأنوثة”
***
ولا تجعل يدك مغلولة..
وحدثي ولا حرج عن انعدام التوازن في علاقاتنا بالآخرين..
العلاقات التي كلفتنا من مشاعرنا.. ونفسياتنا.. وطاقاتنا..
فتارة يُصاب أغلبنا بمتلازمة “محاولة إرضاء الجميع”..
فيصعب علينا قول كلمة “لا” للناس.. ونكلف أنفسنا فوق طاقتها..
بسبب هذه ال”نعم” التي فلتت منا بعفوية أمام طلبات الناس الملحة والعاجلة!
لنتحمل ردحاً من الزمن ما هو فوق طاقتنا.. معتقدين أننا نصلح الكون..
وأننا أهل فزعة.. ونخوة..
وأن حياة الآخرين لا تستقيم بدوننا!
في حين أن الطرف الآخر ولاااااا على باله..
سيحصل على ما يريد بكِ.. أو بغيرك..
وسيجد من يستعبده في أجندته.. سواء أنتِ أو غيرك!
وفي أحوال أخرى..
نصاب بهيستيريا “تجنب الجميع”..
ونقطع علاقاتنا مع البشر.. لأنهم استغلاليون.. ماكرون.. ناكرو الجميل.. ولا يستحقون!
فنتقوقع على أنفسنا.. ونعيش حياتنا كمسلمين ومسلمات.. في دائرة ضيقة..
لا نتعدى أنفسنا وأسرتنا الصغيرة..
مرة أخرى.. في تدريب “منبع الأنوثة“.. أؤكد على أن التوازن في حياتي وحياتك.. لا يتحقق إلا بالانخراط في المجتمع..
وتنفيس الطاقات والقدرات والمميزات التي أودعها الله فينا.. لنسخرها في كمال عبودية الله سبحانه وتعالى.. وإعمار الأرض..
***
ولا تجعل يدك مغلولة..
وهناك مرض متفش فينا كنساء..
مستفحل بدرجة كارثية..
وهو مرض المثالية أو الكمال… بدرجة لا يمكن تصورها!!
فنجد فلانة تعمل عزومة في رمضان.. ما خلت ولا تركت من صنوف الطعام ولا أوبن بوفيه!
وأخرى قررت التوبة والعودة لله.. لتتحول إلى العابدة الناسكة.. التزمت بكل العبادات والسنن والنوافل مرة واحدة..
وثالثة انهد حيلها.. واشتكى منها ظهرها وركبها.. بسبب هوسها المجنون من ذرة غبار على طاولة في بيتها!
ورابعة.. باربية.. أيقونة جمال ومكياج وماركات وموضات..
لا تخرج دون أن تكون قمة في كل شيء.. دون أن تنسى مجموعة الرموش الصناعية.. والكعب الذي يطقطق..
وصور سيلفي طول الطلعة حتى عودتها لبيتها!
والغالبية..
الغالبية التي “تتظاهر” بالكمال والمثالية على منصات التواصل الاجتماعي..
أجمل ابتسامة..
ألذ طبخة..
أحلى ستاتس..
اكثر اقتباس مؤثر..
أكثر رد في الصميم..
ونقضي الساعاااااات من أعمارنا كل يوم.. نتجمل ونتزبط ونتأنتك من أجل لحظة سيلفي..
نعود بعدها ننقلب 180 درجة على أرض الواقع (يحدث حرفياً)
وننسى أن الكمال في النقصان..
وأن قمة الجمال في البشر.. يكمن في نقصانهم.. وعيوبهم.. التي تجعلهم بشراً مثلنا!
***
ولا تجعل يدك مغلولة..
كم هي متعبة الحياة ونحن نتراوح فيها من النقيض إلى النقيض..
فنقعد “ملوماً محسورا”!!
كم هي خاسرة قضايانا.. ونحن نحاول أن نلبي احتياجات جانب.. على حساب جانب آخر..
قال عليه الصلاة والسلام:
“إن لبدنك عليك حقًّا، وإن لزوجك عليك حقًّا، وإن لربك عليك حقًّا، فأعط كل ذي حق حقه” (صحيح البخاري)..
بس…
بهذه البساطة..
شوية هنا.. وشوية هناك..
لا إرهاق.. ولا تكلف.. ولا تعنت.. ولا انتحار!
((وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا…))
إنما ديننا دين الوسطية..
دون غلو.. ودون تفلت..
وما لا يُدرك كله.. لا يترك جلّه..
وما أرقى رسولنا الحبيب.. عليه الصلاة والسلام..
حينما علمنا التوازن في الطلب فيما رواه النسائي:
“اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة..
وأسألك كلمة الحق في الرضا والغضب..
وأسألك القصد في الغنى والفقر..
اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين”
اللهم آمين
(شاركي بالتعليق في الأسفل أو على صفحة الفيسبوك: بخاطرة.. او تجربة.. أو قصة.. حول الآية المختارة.. لتحصلي على فرصة الفوز في مسابقة “ربيع قلبي ❤”)
“يا رب لك الحمد رزقتني الدخول الى مدرسة قرآنية لكني ضعت و اهملت بيتي و اطفالي وونفسي وهاهم اطفالي صغار مرضوا ووجب غليا انقطاع عن المدرسة و ليس لدي فرصة… اقرئي المزيد »
مفتاح الخزنة
﴿قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل﴾ حتى في التدين وتعظيم الأنبياء نهانى… اقرئي المزيد »
(لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ۖ ) [سورة الحديد 25] فالميزان الذي نزن به عطاءنا و منعنا مرسوم محبوك من عنده سبحانه لا يحتاج… اقرئي المزيد »
…حتى في التفاعلات التحليلية هناك نقطة تعادل(PH=7) لو تحرك اتجاه التفاعل اعلى او اسفل من هذا الرقم لتغير وسط التفاعل الكيميائي اما لوسط حامضي او وسط قلوي ولأثر على سير… اقرئي المزيد »
الوسطية يالها من كلمه تحمل حلول لكل شىء فهل نستطيع ان نطبقها في حياتنا ؟؟ حتى بلحب ..حب اولادنا نحبهم كلهم ونخاف عليهم ونتمنى لهم كل خير ولكن الا ما… اقرئي المزيد »
ما اروعك استاذة خلود ..اجزت فاحسنت .. مقالاتك كلها رائعة ما اجمل ان نتدبر القران هكذا وننزله على كل احوالنا في حياتنا .. ..يقول النبي عليه الصلاة والسلام سددوا وقاربوا… اقرئي المزيد »
أحتار فيما أضيف تعقيباً على كلامك لم يخطر ببالي أن أنظر لهذه الآية من زاوية جديدة الاتزان في كل شيء ، في الدين فلا نترهبن، في العمل فلا ندمنه و… اقرئي المزيد »
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وخير الامور اوسطها ….. نعم الاعتدال والوسطية في كل شيء هو المطلوب في كل شيء ، في تربية اولادنا لا نحبهم… اقرئي المزيد »
صح لسانك اخت (احساس)منذ بداية قراءتي للمقال لمعت في ذاكرتي هذه الآية:( و كذلك جعلناكم امة وسطا) نحن امة الاعتدال و الوسطية؛هكذا اراد لنا الله و كان الطبيب المسلم المشهور… اقرئي المزيد »
نعم يكمن الكمال في النقصان … ماذا سيحدث لو اكون انانيه قليلا واحضى بقليل من النووم ولم استيقظ صباحا واعد وجبه الافطار لابنائي واجهزهم للمدرسة..واترك المهمه لابيهم فانا احسسه بالمسؤليه… اقرئي المزيد »
جزاك الله خيرا استاذة خلود على ما تبذلينه لنا من درر… ولا تجعل يدك مغلولة الى عنقك…نهي عن البخل،وما ادراك ما البخل ؟ ليتني اصدح بها في اعلى قمة افرست… اقرئي المزيد »
وانا اقرأ اخذت الامواج بي في كل صوب عممتي ووواخذتي اكثر، من جانب واجزتي……..وحقا علي ترتيب امور كثيره…. واهمهاا كلمة لااا…. لا… لكثير من الطلبات والاشخاص…. لا اعرف لما عندنا… اقرئي المزيد »
خبّئ الدينار الأبيض لليوم الأسود .. كم هي الموازنة في كل أمور حياتنا جد ضرورية .. فاستقامة الشيء باعتداله وكذلك الإنسان كلما حرص على بلوغ الاعتدال اقترب من الهدوء الذي… اقرئي المزيد »
جزيت خيراً استاذتنا انطلاقاً من قوله سبحانه وتعالى: ((وكذلك جعلناكم أمة وسطاً)) التوسط او الاعتدال سمه من سمات الاسلام، نميزها عن غيرها من الديانات السماويه…… ولكن أملنا بالله أن يهدينا… اقرئي المزيد »
جزاك الله عنا خير الجزاء أستاذة خلود في حياتنا اليومية نعيش وسط فوضة من المشاغل تتركام عليا وتخل بتوازن سعادتنا لأننا لم نرتب أولوياتنا ولم نعطي كل ذي حق حقه… اقرئي المزيد »