((قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ ۗ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ ۗ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ))
الزمر (10)
***
عام 1999..
كنتُ في السنة الثالثة من دراستي الجامعية بجامعة في تركيا..
مُنعتِ من متابعة الدراسة بسبب الحجاب..
مُنعنا من دخول الصفوف والقاعات..
ولاحقاً تم المنع من بوابات الجامعات..
كثيرات.. نزعن الحجاب.. وغالبية أكثر.. أصرت عليه..
كثيرات.. اخترن لأنفسهن ارتداء “باروكة” الشعر.. لمراوغة القوانين والاستمرار في الدراسة..
وغالبية.. رغم القهر.. واقتراب الوصول لخط النهاية.. قررن أن يغادرن الجامعة..
وأنا منهن..
عام 2011.. انتقلتُ لوظيفتي الثانية..
أعاني مرارة الروتين الذي لم يحرك في حياتي ساكناً..
أفكر بألم.. وأطرح على نفسي نفس السؤال للمرة الألف:
هل هذه الحياة التي أريدها لنفسي؟
هل هذه الحياة التي اختارها لي ربي؟؟
قررتُ التغيير.. وتحركتُ باتجاهه..
وكتبتُ رحلتي كاملة في “يوميات حب XL”
***
في أغلب الأحيان.. أكثر إجابة تصدنا عن التغيير هي كلمة:
الصبر..
اصبري على زوجك.. بيتعدل..
اصبري على ابنك.. بيتغير..
اصبري على وظيفتك.. ما فيه أحسن منها..
اصبري على قردك.. لا يجيك اللي أقرد منه…
الصبر كويس..
الصبر لا يأتي إلا بخير..
كل الناس ماشية في حياتها وتصبر.. إنتي أحسن منهم في شو؟
المشكلة أن لدينا خلطاً حقيقياً بين مفهوم الصبر..
ومفهوم الاستسلام..
فنرجح كفة الانهزام.. والتثاقل بنفس الوضع.. وعدم التغيير..
مع تحمل وجع القلب.. والألم.. والشكوى كل يوم من الحال..
ثم نقول: اييييه.. ايش نعمل؟ مالنا إلا الصبر!!!
وما ندري..
حجم الظلم الهائل.. الذي نوقعه بأنفسنا..
كل يوم.. كل يوم..
عندما نذلها تحت طاحونة “بقاء الحال على ما هو عليه”..
ونستهبل ونقول أنه “صبر”!!
فلانة تراسلني.. تخبرني أن أهلها يستميتون لإقناعها بعريس لوقطة..
خريج إعدادية.. ويدخن.. ولكن قلبه أببببببيض!
فإذا اعترضت.. قالوا لها تستطيعين تغييره بعد الزواج.. المهم أن قلبه أبيض.. لا تفوتيه!
وفلانة.. تستشيرني..
تزوجت حديثاً.. لسه بتقول بسم الله يعني..
وزوجها يخونها ويراسل النساء أمامها..
فإذا ذهبت لبيت أهلها.. أعطتها أمها الوصية الوحيدة التي تحفظها:
اصبري يا ابنتي.. مالك إلا الصبر!
وثالثة.. لا تجد من تصادق.. سوى شلتها الجامعية..
فتيات خفيفات دم.. موضة ومكياج.. وأهل شيشة ومزاج..
واذا قيل لها.. غيري صديقاتك..
قالت: من أين؟ هؤلاء أفضل الصديقات حولي!
ورابعة تشتكي من أذية النساء في وظيفتها..
وكثرة الظلم والتعدي على حقوقها..
فإذا قيل لها: غيري وظيفتك..
شهقت وقالت: الراتب جيد.. هل تريدوني أن أرفس النعمة؟؟
لماذا؟؟
لماذا نرضى الدنيّة في حياتنا وباسم الدين؟
من قال أن الدين.. لا يحفظ للإنسان كرامته؟
من قال ان خزائن الله نفدت..
فلا يخرج منها زوجاً أفضل..
وظيفة أفضل..
علاقات أفضل..
صداقات أفضل..
بيئة أفضل..
بلداً أفضل…؟؟
من قال أن علينا أن نذوق القهر والظلم يوميا..
تحت شعار الصبر؟
باستطاعتنا التأثير.. والتطوير.. والتواصل بشكل أفضل..
أو تغيير كل شيء.. والبدء من الصفر؟!!
أرض الله واسعة..
نخشى الطلاق في ظل زواج فاشل ومؤلم..
والله تعالى يقول: ((وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ))..
أرض الله واسعة..
نخشى تغيير الحال الذي نحن عليه.. من ظلم الناس.. أو قهر الوظيفة..
والله تعالى يقول: ((أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا))..
أرض الله واسعة..
نخشى التغيير بحد ذاته…
والله تعالى يقول: ((إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ))؟
أرض الله واسعة..
نصر على الصبر السلبي.. الذي يجعلنا ملطشة للآخرين واستبدادهم..
لا نرد كيد الناس.. ولا ندافع عن أنفسنا.. رغم أننا على الحق..
والرسول عليه الصلاة والسلام يقول:
“المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف” (صحيح مسلم)
قوي.. في أن آخذ حقي دون تعدي..
قوي.. في أن أدفع الأذى عن نفسي..
قوي.. في أن أجد لي دائما مخرجاً يحفظ لي ديني..
كي أفرغ عقلي ومشاعري وطاقتي وجهدي لشيء واحد:
خلافة الله وعمارة الأرض!
((إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ))
الصبر على ظلم واقع نستطيع دفعه هو ظلم للنفس..
الصبر على اختيار جائر وعدم انتظار خيارات أفضل.. هو ظلم للنفس..
هذا ليس صبرا.. إنما استسلام.. وانهزام..
إنما الصبر.. على مشقة القيام بالواجبات..
وامتثال المأمورات..
واجتناب المنهيات..
إنما الصبر على التغيير.. والتأثير في الناس..
إنما الصبر على اتباع “الإحسان” كمنهج حياة..
الإحسان في القبول أو الرفض..
الإحسان في البقاء أو الترك..
الإحسان في العطاء أو المنع..
الإحسان في إعمار الأرض..
وأرض الله واسعة.. تسع كل ذلك..
عندها..
إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب.
(شاركي بالتعليق في الأسفل أو على صفحة الفيسبوك: بخاطرة.. او تجربة.. أو قصة.. حول الآية المختارة.. لتحصلي على فرصة الفوز في مسابقة “ربيع قلبي ❤”)
لا أظن أن الصبر هو استسلام وانهزام انما هو بسب قصر في العلم وجهلنا به، الكثيرات منا قاصرات علم ولو بشهادات جامعية هذا من جهة وأنا أرى أن كل من… اقرئي المزيد »
كالعادة لا أجد أي إضافة، كفيتِ و وفيتِ بارك الله فيك الخروج من دائرة الراحة، و طلب الأفضل، لقد خلقنا الله لنكون الأفضل فلمَ نرض بالدنية؟؟ ضربتِ لنا أروع مثل… اقرئي المزيد »
اذا هناك خيط رفيع بين الصبر و الإستسلام .. هي القدرة على التغير او وجود الفرص للتغير .. وهذا فيما يتعلق بأمور الحياة .. الصبر المطلوب هو الصبر على طريق… اقرئي المزيد »
كأنني كنت مكبلة واطلقت سراحي !!!! ….سأنطلق ولا أخشى في الله لومة لائم
رقرقتِ قلوبنا يا أستاذة بهذه الآيات العظيمة وهذه الكلمات العميقة فالله يعطيك ماتتمنين الصبر والاستسلام…..لما نزل الوحي على سيدنا محمد صلى الله عليه وصلم لاقى أذى كثيرا هو وأصحابه من… اقرئي المزيد »
استاذتي،… احببت مقالك وياليتني، استطيع، ان اميز، به بين الصبر والاستسلام….. ربما الصبر ع شيء لا استطيع التغير فيه…. والاستسلام يكون مع وجود حلول وان اغفل عنهاا… او ابتعد ولا… اقرئي المزيد »
هي الخطوة الأولى فقط..فإن استعنت بالله العظيم واستطعت ان تخطوها نحو التغيير..فإن الخطوات التاليه ستأتي تباعا..فقط توكل على الله وإبدأ..وسترى عجبا.. و بفضل الله كنت من خطى هذه الخطوة..والله المستعان… اقرئي المزيد »
اي تعليق بعد ما قلتيه استاذه ما شاء الله لا اجد ما اعلق عليه سوء اننا نحبط أنفسنا ونذلها في باب الصبر الذي لا نعرف معناه ولا كيف يكون.. كل… اقرئي المزيد »
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله مقالك اكثر من رائع استاذتنا الغالية ، وفعلا ذكرتيني كتير في مواقف مررت بها في حياتي وأهمها أنني من سنوات قليلة… اقرئي المزيد »