((فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ…))
الشورى (15)
أغلب شكوانا اليومية.. تدور حول ما فعله الآخرون بنا..
نظل ندور في فلك أفعالهم.. ونتلقاهم بردود أفعالنا..
مشكلتنا الحقيقية تكمن أننا نقع دائماً في إعراب المفعول به..
نتراجع عن موقع إعراب الفعل.. أو الفاعل!!
هناك الكثير منا.. يعيشون “أغلب” حياتهم.. في دور هامشي للغاية..
ضمن خط مرسوم ومعروف..
مدرسة.. تخرج.. دراسة.. تخرج.. وظيفة.. زواج.. إنجاب.. تعليم أولاد.. تخريجهم.. تزويجهم..
وانتهت الحياة!
كثيرون منا.. محرومون من المعنى الحقيقي لوجودهم..
معنى استخلاف الله في صفاته وأسمائه.. وإعمار الأرض..
هناك خط رفييييع..
بين أن “نعيش”.. وبين أن “نحيا”..
أن نعيش.. يعني أن نمتثل للسيناريو أعلاه..
الدور الهامشي..
الخط المرسوم المعروف.
وأن نحيا..
يعني أن ينقلب كياننا ووجودنا لهدف واحد: تحقيق معنى الحياة!
((قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ))
لا حياة دون مسبب..
لا حياة دون فعل..
ولا حياة دون فاعل!!!
ومحياي.. تعني أن ننتقل من مربع ردة الفعل..
إلى مربع الفعل..
إلى اللعب على دائرة التأثير..
فادع.. واستقم كما أمرت..
***
عندما طرحت دورتي “بوصلة الخطوبة” لأول مرة.. في 4 مواقع كبرى على الإنترنت..
كان سؤالي لجميع الفتيات المقبلات على الزواج:
ما هي مواصفات الشخص الذي تقبلينه زوجاً؟
وكانت الإجابات تتراوح بين شخصية أفلاطونية.. وشخصية من عصر الصحابة!
اجابات كثييييرة.. تشطح.. وتتخيل.. وتهلوس.. في شخصية رجل كامل المواصفات..
ثم كان سؤالي التالي.. بعد كل اجاباتهن:
هل تعتقدين أن لديكِ “أنتِ” هذه المواصفات التي تطالبين بها في زوج المستقبل؟
تريدينه محافظاً على الصلاة في المسجد.. فهل تحافظين على الصلاة في وقتها؟
تريدينه كريماً سخياً
.. فهل أنتِ كريمة سخية؟
تريدينه ممشوق القوام.. فهل جسدك رشيق وتمارسين الرياضة بانتظام؟
ما أسهل أن نتشرط ما نريد من الناس..
دون أن يكون لدينا مرآة حقيقية ننظر من خلالها لأنفسنا أولاً..
من العيب.. أن نطالب الآخرين بأمور.. ونحن أول من تخلينا عنها..
من المشين.. أن ننتقد الآخرين في أشياء.. ونحن أكثر من يفعلها..
من المخزي.. أن نتشدق على الاخرين بالنصائح.. ونحن آخر من لا يستمع إليها!
فلذلك.. فادع.. واستقم كما أمرت..
الاستقامة تتطلب مرآة كبيرة.. كبييييرة جدا..
ننظر من خلالها صباح مساء..
في الصباح: نحدد ماذا نريد لهذا اليوم.. ثم نبدأ بأنفسنا..
وفي المساء: نراجع أنفسنا.. نحاسبها.. ونقوّمها لليوم التالي!
الدعوة لله لا تعني أن أكون خريجة كلية شريعة..
ولا أن انهي قراءة أمهات الكتب..
لا تتطلب أن أكون حتى مثالية.. أو كاملة..
نحن بشر..
لدينا نواقص..
وأكبر مدخل للشيطان.. أن يثبطنا عن النصيحة أو التأثير في الآخرين..
بدعوى أننا أصلاً لدينا عيوب ونواقص..
لكن الله في هذه الآية..
يحدد لنا الدعوة والاستقامة بجمع حرف الواو..
فادع.. واستقم..
لأن الدعوة والاستقامة يتجددان ويتفاعلان باستمرار..
لا تكون الدعوة دون استقامة..
ولا تكون الاستقامة.. دون دعوة..
قاعدة: خليني في حالي..
أو مبدأ: مالنا دعوة بغيرنا..
لا تصلح..
ما تمشي مع الله..
سنحاسب كلنا..
سنحاسب على أن “نعيش” حياتنا..
دون أن “نحياها” حقيقة..
سنحاسب أن الله أعطانا ما أعطانا..
من قدرات.. ومواهب.. وإمكانيات.. ونعم..
ولم نستغلها.. بأقصى ما نستطيع..
للدعوة إلى الله..
الدعوة لحبه.. والتزام أوامره..
الدعوة لخشيته.. واجتناب نواهيه..
الدعوة لاستغلال الطاقات.. بما أمر الله..
الدعوة لاستغلال الوجود.. بما يرضي الله..
كبر مقتاً عند الله أن نقول ما لا نفعل..
كبر مقتاً.. أن نحمل شخصيات متناقضة..
تتذمر وتشكو من الآخرين..
وترى عيوبهم ومساوئهم..
دون أن نرى أنفسنا حقيقة.. ونكشف عيوبنا ومساوئنا..
ثم نسعى لإصلاحها.. والاستقامة بعدها..
أكثر الاستشارات تأتيني..
أكثر المشاكل الأسرية.. والزوجية.. والتربوية..
تدور خارج دائرة التأثير..
تتحدث عما لا تستطيع تغييره طوال الوقت!!
حماتي عملت وسوت..
زوجي قال وسوى..
أختي فعلت..
قريبتي تدخلت..
أمي أهانتني..
صديقي تركني..
ونادراً.. ما تأتيني استشارة.. تعترف بمشاكل ذاتها..
وتريد إصلاح نفسها مرة أخرى!!
الدعوة ليست فقط.. قال الله وقال الرسول ﷺ..
الاستقامة ليست فقط تصحيح الذات.. بما أمر الله..
إنما هي حياة.. ما بين الدعوة والاستقامة..
ما بين الاصلاح.. والدعوة للإصلاح..
ما بين التغيير.. والدعوة للتغيير..
ما بين الإنجاز.. والدعوة للإنجاز..
كلنا لدينا ما نملكه لندعو إليه الغير..
كلنا خلفاء الله في أرضه.. بشكل أو بآخر..
وكلنا..
تتخطفنا الكثييير من الطرق الفرعية..
التي تفقدنا البوصلة الحقيقية لسبب وجودنا على الأرض..
أهواء.. وشهوات.. وغيرة.. وحسد.. وحقد.. وسوء ظن..
دعوات ضالة.. مضللة.. خلف كل طريق…
وتحت كل ذرة تراب فوق هذا الطريق..
فلذلك فادع.. واستقم كما أمرت..
نحتاج لتركيز حقيقي..
نحتاج أن نفهم.. كيف نحيا.. بمعنى حقيقي..
نحتاج.. لتجنيد كل جهدنا وطاقاتنا ومواهبنا وإمكاناتنا..
لنكون في الفعل..
وليس في ردة الفعل..
كي تستقيم حياتنا بالفعل!
فلذلك فادع.. واستقم كما أمرت..
أصلحي نفسك..
وادعي غيرك..
ودعي القافلة تسير..
(شاركي بالتعليق في الأسفل أو على صفحة الفيسبوك: بخاطرة.. او تجربة.. أو قصة.. حول الآية المختارة.. لتحصلي على فرصة الفوز في مسابقة “ربيع قلبي ❤”)
جزاك الله خيرا
لفتي انتباهنا للمعنى الحقيقي للحياة وإدارة البوصلة للوصول لتحقيق الحياة التي ارادها الله لنا وأراد منا أن نحياها
رائعة
تبارك الرحمن تلك هي العقول الراقية
لو طبقنا الفكرة الواحدة من هذا المقال لانصلحت احوالنا كلها بل لانصلحت دنيانا واخرانا الفكرة الواحدة 1 – اصلاح نفسي من خلال تحديد الاهداف ومحاسبتها بشكل مستمر والعمل على انجاز… اقرئي المزيد »
في استروكافيه عملنا ملخص لكتاب ، يحتوي على المثال التربوي من مقال اليوم :ابنائنا جواهر ولكننا حدادون .. وكان يتحدث عن ان الإصلاح يبدأ من المربي ان يصلح نفسه لانه… اقرئي المزيد »
عار عليك ان تنهى عن خلق وتاتي بمثله اذا فعلت عظيما….
نعم أملك ما أدعو له … نعم و فيه من الخير الكثير وللأسف أجد نفسي أخوض زمنا طويلة أدور في حلقات لا نهائية من الطرق الفرعية … و كلما طال… اقرئي المزيد »
فعلا استاذه قبل ان ندعوا لتغير الامه تبداء بتغير أنفسنا وأفكارنا ثم نحاول تغير من حولنا كيف نريد ان نغير حولنا ونحن مبتلين بأخطائنا ولكن سبحان الله ارجع أقول محد… اقرئي المزيد »
…واجمل الدعوه اليه ما كانت سلوكا..فالداعيه الى الله قبل ان يدعو بالقول يكون بأخلاقه وأفعاله حتى لباسه المهندم ،حتى أفراحنا وعرسنا دعوه عندما يكون وفق ما أتاحه لنا الشرع..يدعو اليه… اقرئي المزيد »
بورك فيك استاذة خلود ، جاء مقالك في الوقت المناسب ليضعني في الصورة المثالية للوصول لاهدافي ، انها الرسائل التي يرسلها الله لنا …تأتي متتالية وبلطف … يبقى الامر لانفسنا… اقرئي المزيد »
لم يكن كغيره من الاساتذة ، كان موسوعة علمية بل موسوعات … متمكن في العديد من المقاييس بل أصعب المقاييس ، عندما يتحدث نفغر أفواهنا لدقة معلوماته وإسقاط المقال المناسب… اقرئي المزيد »
عظم الله أجركم فيمن فقدتم ..
واعانكم على اكمال الطريق من بعده .
كعادتك عملية و تتكلمين عن الحل الواقعي
الحل في البدء من أنفسنا
الحمد لله و الصلاة و السلام على سيدنا محمد رسول الله. الدعوة الى الله هي اشرف مهمة و اقدس مهنة على وجه الارض؛اختارها الله لانبيائه و رسله و الصالحين من… اقرئي المزيد »
جميل جدا .. رزقنا الله الثبات عزيزتي
هذه الآية كالتي في سورة هود ” وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ ۚ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ ۚ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ (110) وَإِنَّ كُلًّا… اقرئي المزيد »
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله لقد أمر الله عز وجل نبيه الحبيب صلى الله عليه وسلم بالاستقامة ، فبما ان النبي أُمر بذلك فما بالنا نحن… اقرئي المزيد »
جزاك الله خيرا أستاذة خلود ونفع بك وبارك في مجهوداتك إذا أراد أحدهم عمل إشهار لمنتوجه لن يحضر السلعة فقط ويتحدث عن صفاتها ومميزاتها بل يختار أجمل الديكورات وأجمل الوجوه… اقرئي المزيد »