((…وَلَٰكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ…))
الحجرات (7)
***
لطالما كان الاعتقاد السائد لدينا..
أن للجمال مقاييس.. تقاس بالمسطرة والقلم..
وبمسابقات ملكة جمال الكون..
وبحسابات انستقرام لأجمل مكياج عيون!!
الزينة… التي تبهرج أبصارنا في العيد..
من ملابس جديدة.. وأكسسوارات راقية..
هي زينة محددة.. بموضة.. بمكان.. وزمان…
لكن..
هل سمعنا.. عن الزينة.. التي ليس لها زمان أو مكان..
زينة.. لا يمكن رؤيتها.. لكنها تطغى على المشاعر والسلوك؟؟
هل سمعنا عن زينة القلوب؟
زينة..
لا تُشترى بالأموال.. ولا تتغير حسب المواسم ومزاج مجلات الموضة والأزياء..
هي زينة إلهية.. من لدن رب جميل.. وصف نفسه بلسان رسوله ﷺ:
“إن الله جميل يحب الجمال” (رواه مسلم)
يحب الجمال.. فيجعل دينه دين زينة وجمال أصلا وابتداء..
حبب إليكم الإيمان.. وزينه في قلوبكم..
اليوم..
نجد هجمة وحشية.. تجعل الاسلام دين إرهاب.. وعنف.. وتخلف.. وكراهية..
تدعي أن ديننا يتناقض مع الحضارة والمدنية والفكر الأصيل..
دين لا علاقة له بجمال التواصل.. ولا فطرة المشاعر.. ولا رقي السلوك..
اليوم..
تكاثرت النماذج السلبية (حتى بين المتدينين للأسف) التي تصور الدين.. التزاماً عقيماً..
وفتاوى حلال وحرام..
وانكفاء على الجمود..
وخشونة في القول والفعل..
وكأنه ما أنزل إلا ليكون وعاء للمرضى النفسيين..
الذين يعشقون الانغلاق على الذات.. والتشبع بالحزن والألم.. وانعدام الذوق والشعور..
ونسينا..
أن الله جميل يحب الجمال..
وأنه جعل الإيمان إكليلاً.. يزين مهجة القلب.. فيفيض من جنباته الرقراقة الصافية..
حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم..
فجعل الرسول ﷺ يقول لابن عمر:
“نعم الرجل عبدالله لو كان يصلي من الليل” (رواه البخاري)
فيهجر ابن عمر فراشه فلا ينام إلا قليلاً..
رأى جمال نفسه عند رسول الله..
فأصبحت تكاليف الإسلام متعة واستمتاعاً.. وليست مشقة أو واجباً..
حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم..
فجعل الرسول ﷺ يريد الصلاة فيقول لبلال:
“أرحنا بها يا بلال” (صحيح)
لتصبح الصلاة واحة جمال.. يستراح فيها من تعب الحياة..
وكم نحتاج أن نخاطب أبناءنا بنفس خطاب الجمال هذا:
تعال يا ولدي.. لنستريح في الصلاة!
حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم..
فوصف الصبر: ((فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُون))
ووصف الهجر: ((وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا))
ووصف الطلاق: ((فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً))
وصف أكثر فترات حياة الإنسان قسوة وألماً.. بالجمال..
وكأنها دعوة..
لكي نرى الجمال في كل شيء.. حتى ما كان بشعاً أو مؤلماً أو صعباً..
نستغرق في تذوق الجمال الجانبي.. الذي يرافق كل ما نمر به في حياتنا..
جمال العطاء والاطمئنان.. من رحم المنع والحرمان!
فتنزلق روحنا بخفة.. من وسط هذا الركام الدنيوي..
لتصعد في سماء براح.. تتصل بخالق جميل.. يحب الجمال!
حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم..
جمال في الصيام.. راحة للجسد من شهوة البطن والفرج..
جمال في الزكاة.. التكافل والتراحم بين المسلمين..
جمال في الحج.. التقاء المسلمين من شتى بقاع الأرض..
جمال حتى..
في الموت..
لأنه نقطة انتقال.. من حياة زائلة.. الى حياة باقية..
لحظة اللقاء.. برب الجمال كله..
“من أحب لقاء الله.. أحب الله لقاءه” (حديث صحيح)
فنعيش حياتنا.. نري الله من أنفسنا خيراً..
من أجل لحظة هذا اللقاء..
من أجل شهادة اعتزاز.. وفخر.. وشوق.. وحب.. يتوجه هذا اللقاء..
من أجل فرحة استلام الكتاب.. فنقول:
((هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ))..
جمال بمشاركة هذه الفرحة مع الأقارب والأحباب..
حتى في يوم الحساب!
حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم..
كفانا شكليات.. ومنافسات وهمية فيما لا نملكه..
لا نملك أشكالنا.. ولا حتى أجسادنا..
لكننا نستغرق شطر حياتنا في تزيينها والعناية بها..
من السهل أن نضحك على أنفسنا فنتجمل أمام أعين الناس..
نتقن المكياج..
نصبغ الشعر ونضع العدسات الملونة..
نلبس الثياب المبهرجة الكاسية العارية..
نطقم لون الحذاء مع الحقيبة مع الحجاب..
كلها مهارات نستطيع اتقانها جميعنا..
لكن..
قليل منا.. من يستطيع اتقان مهارة زينة القلوب..
مع أنها زينة جاهزة.. لا تكلفنا فلساً واحداً من مال الدنيا!!
زينة.. تولى الله أن يجعلها من فطرتنا..
((حبب إليكم الإيمان..))
وما علينا سوى أن نكون على الفطرة..
فإنها لا تعمى الأبصار… ولكن تعمى القلوب التي في الصدور..
((وزينه في قلوبكم..))
أن نكون على الفطرة يحتاج أن نتقن فن بصيرة القلب..
وبصيرة القلب لا تشرق.. إلا بالإحساس بكل ما هو جميل حولها..
جمال النفوس.. جمال الأخلاق.. جمال السلوكيات.. جمال المشاعر..
حتى جمال الطبيعة والأشياء..
الدعوة للتدبر في القرآن عشرات المرات.. ليست عبثاً..
إنما هي إيقاظ للبصيرة..
لنرى الجمال المشرق حولنا..
ليس جمال الصور والأشكال..
إنما جمال القلوب والأعمال..
ولن يكون التدين – من حيث هو حركة النفس و المجتمع- جميلاً إلا إذا جَمُلَ باطنه و ظاهره على السواء، إذ لا انفصام ولا قطيعة فى الإسلام بين شكل و مضمون، بل هما معاً يتكاملان، و إنما الجمالية الدينية فى الحقيقة هى: (الإيمان) الذى يسكن نوره القلب، و يغمره كما يغمر الماء العذب الكأس البلورية، حتى إذا وصل إلى درجة الامتلاء فاض على الجوراح بالنور، فتجمل الأفعال و التصرفات التى هى فعل (الإسلام)، ثم تترقى هذه فى مراتب التجمل، حتى إذا وصلت درجة من الحُسن – بحيث صار معها القلب شفافاً، يُشاهد منازل الشوق و المحبة فى سيره إلى الله- كان ذلك هو (الإحسان) .
و الإحسان هو عنوان الجمال فى الدين، و هو الذى عرفه المصطفى بقوله ﷺ “الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك”(فريد الأنصاري. كتاب/ جمالية الدين: معارج القلب إلى حياة الروح)
ورحم الله ابن تيمية حينما قال:
إن في الدنيا جنة..
من لم يدخلها..
لم يدخل جنة الآخرة..
فاللهم ادخلنا الجنتين يارب!
(شاركي بالتعليق في الأسفل أو على صفحة الفيسبوك: بخاطرة.. او تجربة.. أو قصة.. حول الآية المختارة.. لتحصلي على فرصة الفوز في مسابقة “ربيع قلبي ❤”)
منظور جميل لمعنى الجمال
أردت أن اعطي المقال خمس نجوم لكن تم إدخال نجمة واحدة ولم استطع تصحيح التقييم او تغييره
اذا احب الإنسان أمراً رآه جميلاً سبحان الله حبب اليكم الإيمان وزينه في قلوبكم .. من علامات حب الإيمان أن نراه جميلاً وان تسعد به انفسنا … وان نبغض المعصية… اقرئي المزيد »
بسم الله أبدأ … تدبرات وتأملات ومواضيع مسابقة ” ربيع قلبي ” …ليست مجرد موضوعات ولا مجرد تحدي لاختيار افضل التعليقات …بل دورة تنمية ربانية مكثفة في شهر التغيير والتأثير… اقرئي المزيد »
ياسلام عليك ياستاذه ..مااجمل كلاماتك عرفتنا على الجمال من وجهه اخرى رائعه وما اجمل ديننا وقرآننا وما أجمل ان نتدبر الآيات ونطبقها في حياتنا كل شئً حولنا جميل الطبيعه وجمالها… اقرئي المزيد »
الدعوة للتدبر في القرآن عشرات المرات.. ليست عبثاً.. إنما هي إيقاظ للبصيرة.. لنرى الجمال المشرق حولنا.. عجبني هذا التفسير والشرح لتدبرنا القرآن ❤ وفعلا تدبرنا لكلام ربنا سبحانه وتعالى يعطي… اقرئي المزيد »
وما علينا سوى أن نكون على الفطرة.. فإنها لا تعمى الأبصار… ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.. ((وزينه في قلوبكم..)) أن نكون على الفطرة يحتاج أن نتقن فن بصيرة القلب..… اقرئي المزيد »
جزاك الله خيرا أستاذة ونفع بك أعجبني تطرقك أستاذة لمواطن الجمال الأربعة صبر جميل ،هجر جميل ،سراح جميل ،صفح جميل فأردت أن أتوسع في كل واحد منهم بشرح بسيط مأخوذ… اقرئي المزيد »
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ارسل الله لنا شريعته وطلب منا ان مؤمن بها ومع ايماننا بالشريعة ومع الصعوبات التي فيها حبب الله لنا الايمان وتزين… اقرئي المزيد »
تأمل وتفكر ما بحولك من مخلوقات الله تعالى ونعمه علينا وسترى الجمال حولك
فسبحان الله الذي أتقن كل شيء وجعله في أحسن تقويم
ابدعتي، استاذتي،… سلمت يداك ع هذه المقاله
ربنا آتنا في الدنيا حسنه وفي الاخرة حسنه وقنا عذاب النار
…أعز الناس على قلبي..زلت قدمه قليلا..مر بنزوه..آلمني كثيرا..حزنت لوضعه وهو من اعلم انه على خير..ما كان مني الا ان ادعو له في كل صلاتي بهذا الدعاء (اللهم حبب اليه الإيمان… اقرئي المزيد »