((بَلِ الْإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ۞ وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ ۞))
القيامة (14-15)
***
من إعجاز القرآن.. أنه يكشفنا أمام أنفسنا..
يفضح دواخلنا.. أمام أرواحنا..
يقف كالمرآة.. ليعكس كل عيوبنا البشرية..
يطبطب بحب تارة.. ويزجر بحزم أخرى..
وداااائماً.. يُخلي جيوبنا من أعذارنا التي نتفنن في التسويق لها..
لأننا مخلوقات.. اختلقت أكبر مركز تجاري عالمي للأعذار..
لا نعدم حيلة ولا وسيلة.. لاختراع التبريرات..
ونمتلك شهادات دكتوراه بامتياز.. في رفع الملامة عنا..
لنلقيها على أي شيء.. وأي شخص حولنا..
حرفياً!
بل الإنسان على نفسه بصيرة..
لا يوجد أحد أكثر مني ومنك.. يعرف حقيقة دواخلنا حقاً..
لا يوجد..
نعرف تماماً.. وبالسانتي.. وبالملّلي.. قدراتنا البشرية..
نعرف بالضبط.. إلى أين يمكننا الوصول بأنفسنا في هذه الحياة..
يمكننا أن نصنع العجائب وربما المعجزات.. على وجه الأرض..
لو فقط..
أخلينا جيوبنا من أعذارنا وإلقاء اللوم على غيرنا!
ولو ألقى معاذيره..
معاذيرنا دائما جاهزة.. أمام الآخرين وأمام أنفسنا..
ليش يا فلانة لا تعاملين الآخرين بالحسنى؟
– لأنهم ما يجوا بالطيب.. لأن المعاملة الطيبة يستغلها الناس!
ليش يا علانة تضربين أولادك ولا تصبرين عليهم؟
– لأنني إنسانة عصبية.. ومثل ما تربينا نربيهم!
لماذا يا بو فلان تسيء معاملة زوجتك؟
– لأنها ناقصة عقل ودين.. وأنا القوّام عليها!
لماذا يا أخينا في الله لم تتزوج حتى الآن؟
– لأنني لم أجد فتاة تسطلني بجمالها حتى الآن!
هناك كمية شكاوى وتذمرات لا نهائية في مجتمعاتنا..
مني ومنك ومنها ومنه..
حجج لانهائية… كي نبرر ما نفعله.. أو ما لا نفعله!
واحزري ماذا..
لا يمكن لأي عذر على وجه الأرض أن “يبهر” الآخرين.. مهما كان رائعا !!
لا يوجد..
يمكن للأعذار أن تجعل الآخرين يتفهموننا نوعاً ما..
نسلّك حالنا معهم مرة مرتين..
لكنها لا تجعلهم يقدروننا أو يحترموننا لما نفعله أو لا نفعله بسببها!!
بل الإنسان على نفسه بصيرة..
في قاع نفسك تعرفين.. أنك يمكنك أن تكوني نسخة أفضل مما أنتِ عليه الآن..
في قعر قلبك.. هناك وشوشات داخلية.. تقول لكِ بأنك تستطيعين التغيير..
وأن تتحملي مسؤولية نفسك.. داخل دائرة تأثيرك..
لكنك تحتاجين بعض الجهد..
وااااخ.. من هذا الجهد..
يكبر ويتضخم في داخلنا.. ليصبح هو حجر العثرة الوحيد في طريقنا!!
ولو ألقى معاذيره..
لا نتخلص من العصبية لأنها تحتاج إلى جهد..
لا نتعلم أسس الحوار والتواصل لأنها تحتاج إلى جهد..
لا نتخلص من العادات السيئة لأنها تحتاج إلى جهد..
لا نحاول تدبر القرآن لأنه يحتاج إلى جهد..
لا نواظب على الصلاة بخشوع لأنه يحتاج إلى جهد..
لا نصل من قطعنا لأنه يحتاج إلى جهد..
لا نراعي الله فيما رزقنا لأنه يحتاج إلى جهد..
جهد يتماشى مع طبيعتنا البشرية الطينية..
التي تثّاقل للأرض.. وتتمرغ في الدعة والكسل والخمول..
ويخالف طبيعتنا المكرمة التي نفخ الله فيها من روحه..
لنعمل ونسمو ونجاهد حتى نرتقي إلى استخلاف الله في الأرض!!
بل الإنسان على نفسه بصيرة.. ولو ألقى معاذيره..
أسمع في المجالس.. وأقرأ في المنتديات وحسابات التواصل الاجتماعي مئااات المشاكل..
حماتي لئيمة..
زوجي يضربني..
أمي متسلطة..
صديقاتي يغارون ..
أخي مدخن ومحشش..
شغالتي ساحرة..
وهلم جرااااا..
طيب يا أختي الفاضلة…
ما رأينا منك في كل مجلس وحساب موقع الا كل شكوى ومذمة..
تلطمين الخدود وتشقين الجيوب..
كل العالم أجرب ويتآمر ضدك..
وانتِ الوحيدة التي نيتك سليمة وتريدين أن تعيشي بسلام..؟؟
طيب ها هو العالم امامك.. غيري فيه ما تشائين.. ابدئي التغيير بنفسك.. والان..
إن كان زوجك سيئا.. فليكن ابناؤك ازواجاً افضل منه..
وإن كانت حماتك لئيمة وخبيثة.. فكوني أنتِ حماة طيبة وحبابة لزوجات ابنائك..
وإن كانت نساء هذا الزمن شينات وفاسدات.. فكوني أنتِ المرأة القدوة الفاضلة “البيرفيكت”!!
اصلِ يا استازة……
بس يا حبيبتي……..
لكن يا وخيتي…..
لأنو يا ستي…..
اهااااا.. بدأنا الأعذار.. والحجج.. والبحث عن الأسباب الخارقة القاهرة لتجعلنا محلك سر !
ما أسهل ان نختلق الاعذار.. ونرميها على غيرنا..
يا فلانة لِمَ لم تكملي تعليمك بعد الزواج؟
اصلو الزواج والحمل وشغل العيال ووو …
ويا علانة لماذا لم تعوّدي ابنائك على النوم المبكر؟
يا حبيبتي المجتمع والاقارب والزيارات والسهرات وووو…
ويا بنيّتي لماذا تحادثين الشباب على الفيسبوك؟
اصل يا طنط العنوسة والتكنولوجي والوقت ووووو
طبعا مليون عذر يطلع لي ولك.. لماذا؟؟ لانها ببساطة ببلااااااااش!!!
مجانا..
فري..
صح؟
فتخيلي ان تستيقظي يوما… وانقلب الحلم الى كابوس..
واصبح عليكِ ان تدفعي خمسين ريالا مقابل كل عذر يخرج من جيبك..
هل سنسمع اعذارا بعد اليوم؟
هناك فرق بين العقبة.. والعذر..
هل تعرفين ما هو؟
ان يعمل زوجك حتى ساعات متاخرة من الليل.. هو عقبة..
لكن ان لا يستطيع ان يلعب مع اطفاله او يخرج معهم من حين لاخر بسبب ساعات عمله المتأخرة.. هو عذر..
ان تكوني انسانة عصبية عقبة..
لكن ان تضربي ابنائك على الطالع والنازل لانك عصبية.. هو عذر..
ان تكون الموضة هو انتشار الموبايلات والايبادات وحسابات السوشيال ميديا بشكل مهووول هو عقبة..
لكن ان يقتني اولادنا هذه الأجهزة والحسابات ويتعاملون بالشات صباح مساء لانها الموضة في المجتمع.. هو عذر..
ان تكون مجتمعاتنا منغلقة.. سيئة.. بالية.. هو عقبة!!
لكن ان تكوني أسوأ.. وتعيشي سلبية.. ولا تقدمي أو تؤخري في حياتك أو أسرتك لأن مجتمعاتنا هكذا.. هو عذر..
هل عرفتِ الان مقدار الشعرة بين العقبة والعذر؟؟
نعم حياتنا لا تخلو من العقبات (وليس المشاكل)..
لكن لا نختلق انواع الفشل والاخفاقات بسبب تحويلنا هذه العقبات إلى أعذار!
بل الإنسان على نفسه بصيرة..
أنتِ من يعرف نفسك أكثر من غيرك..
إن كان فيها خيراً تستطيعين إخراجه..
وإن كان فيها شراً تستطيعين إسكاته..
أنتِ أبصر بحالك..
وكونك تتحججين وتتعذرين وتبررين أمام الناس ليتفهموا وضعك وأسبابك..
لن يعنيهم شيئا على الإطلاق..
سوى أنه سيخدرك نفسياً بشكل مؤقت..
ويعمي البصيرة في أعماقك..
فلا ترين نفسك على حقيقتها.. وما يمكن أن تفعليه حقاً.. بدون أعذارك!!
حقيقتك..
التي كرمها الله عز وجل.. من بداية أبينا آدم.. الذي سجدت له الملائكة أجمعين..
حقيقتك..
التي تبني الأجيال وتصنع الحضارات وتغير في المجتمعات..
حقيقتك..
التي تقتدي بعظمة السيدة خديجة رضوان الله عليها.. حينما سرت عن الرسول أول ما نزل الوحي..
فساندته وناصرته وحملت هم الدعوة معه..
حقيقتك..
التي تقتدي بقوة آسيا امرأة فرعون التي وقفت في وجه الظلم.. والصدع بكلمة الحق..
حقيقتك..
التي تقتدي بعفة مريم ابنة عمران.. العابدة الطاهرة التي أحصنت فرجها ولم تتخذ أخدان..
حقيقتك..
التي تقتدي بخشية امرأة رفضت أمر أمها لتمذق اللبن بالماء.. لأن الله يراهما..
فخرج من نسلها حفيدها عمر بن عبد العزيز خامس الخلفاء الراشدين..
حقيقتك..
التي تقتدي بيقين السيدة هاجر زوجة ابراهيم عليه السلام.. حينما تركها في واد بلا زرع..
فقالت بكل ثبات: إذن لن يضيعنا!!
أنتِ كل هذا..
وتبصرين كل ذاك..
لكنكِ للأسف.. أعميتِ بصيرتك بمعاذيرك!!!
فمتى تُخلين جيوبك من الأعذار؟؟؟؟
(شاركي بالتعليق في الأسفل أو على صفحة الفيسبوك: بخاطرة.. او تجربة.. أو قصة.. حول الآية المختارة.. لتحصلي على فرصة الفوز في مسابقة “ربيع قلبي ❤”)
ياإلاهى اول مرة فى حياتى اخد بالى من هذة الايه (ولو القي معاذيرة ) وكأنى اقراها لأول مرة ولقد صادفت قرأتى لكتاب للدكتور ابراهيم الفقي وكان قد ذكر فيه فصل… اقرئي المزيد »
تركت الاعذار من زمن رجعت لدارستي وكنت ولدت بقيصرية وحين الامتحان ولدي عمره 3اشهر كل شيء ابذل فيه جهدي ويستنزف طاقتي ولا يتعاون الطرف الاخر معي اتركه تماما واوفر طاقتي… اقرئي المزيد »
مقال رائع. ماشاء الله.بارك الله فيك استاذة خلود..
معك حق سابدا ان شاء الله في حذف الاعذار من حياتي،لارى حقيقتي.وبالله التوفيق
فعلاً استاذه نحن نختلق الاعذار لنبقاء كنا نحن لان التغير يحتاج جهد جهد في تغير النفس في الصمود ضد كل العقبات ..للأسف نستسهل القناعه بما لدينا ونتحجج بعدم المقدرة على… اقرئي المزيد »
ههه والله مقال اليوم أضحكني على نفسي ، وليس عيبا أن نعترف بأخطائنا ! … سبحان الله مجرد ما ينتابنا شعور الطاووس بشيء ما ..ننطلق كأننا سننقذ العالم بعدها نفاجأ… اقرئي المزيد »
سلمت يمناك استاذتي …….ابدعتي في شحن نفوسنااا وجعلنا نرتقي، بهااا الى الاعلى
كنت اضع الاعذار الكثيره امامي الى ان وصلت لمرحله تيقنت ان لن تنتهي العقبات .. كم مره اجلت دورات التجويد القران والسبب صداعي النصفي .. كم مره اعتذرت عن جمعات… اقرئي المزيد »
فتح لك أبواب الخير أستاذة خلود لدي مبدأ أحاول أن اطبقه دائما وهو أن الحياة لن تتغير أبدا إلا إذا أنا غيرت فيها أما أن أرضى بأعذار كاذبة ( وأحيانا… اقرئي المزيد »
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اثنان لا يمككنا الكذب عليهما اولا الله عز وجل ثم نفسك ، فنحن نعلم بأنفسنا أكثر من غيرنا نعرف الحق والباطل… اقرئي المزيد »
فمتى تُخلين جيوبك من الأعذار؟؟؟؟ الإجابة كما تفضلتِ في المبادرة الإيجابية و العمل، مرة تلو المرة و إن أخفقنا فلا بأس، نعاود العمل من جديد و إن أخطأنا و أضعنا… اقرئي المزيد »
معلمتي في الثانوية العامة كانت تقول:من يريد عذرا ..يجد العذر..
ومن يتقن الأعذار فلن يجيد غيرها..
ماشاء الله … كلام يضعنا في المكان الصحيح من الكرة الأرضية …. إعمار الأرض… نماذج وحقائق رااااااائعة …. كان ومازال لها بصمتها العظيمة في تكوين وتحفيز الشخصيات القيادية جزاك الله… اقرئي المزيد »