المسلسلات هي اختراع بشري لسرد الواقع بالأساس، هي الأسلوب الدرامي الذي “أُريد” له أن يعكس واقع مجتمع، أي مجتمع، بإيجابياته وسلبياته..
لكن المسلسلات مؤخراً.. وبواقع نصف قرن تقريباً.. تحولت إلى واقع درامي خبيث على الشاشة “يُراد” له أن يصبح واقعاً حقيقياً على أرض الواقع!
من استفحال مشاهد العنف والخيانات وقلة الحياء وعمليات التجميل في مسلسلاتنا العربية ذات الإنتاج المحلي.. إلى اقتحام سافر صارخ لشاشاتنا العربية بمسلسل يُدعى “جن” من إنتاج مؤسسة نتفلكس الغربية.. والمسلسل يحمل قصة مكررة سخيفة في مئات الأفلام الغربية.. لكن الجديد فيه أنه إنتاج غربي بتمثيل مراهقين ومراهقات “من أصل عربي”..
المسلسل ادعت نتفلكس أنه “أردني”.. لكن القضية مش قضية أنه أردني.. فالدور التالي سيأتي على المصري.. والشامي.. والمغربي.. والخليجي.. وهلم جراً..
والقضية ليست في “محتوى” المسلسل السخيف الهابط المبتذل.. وكأنه محاولة بدائية رخيصة لإنتاج فيلم إباحي لا يطاله مقص الرقيب.. بمشاهد وألفاظ لا علاقة لها بالمجتمع الأردني أساساً ولا تعكس أي شيء من أجوائه وطابعه العربي والإسلامي الأصيلين..
وأيضاً القضية ليست في ردود الأفعال المتباينة التي ترواحت بين المستنكرين والمنددين والمعترضين من المجتمع الأردني وخارجه، وبين المتبسطين والمتساهلين والريلاكسيين من حزب: “المسلسلات على نيتفليكس أصلاً كلها ماجنة… سو وات.. حبكت يعني؟؟”
القضية ليست في كل ما هو أعلاه..
القضية ببساطة أن هذه هي البداية فقط..
هذا هو شريط الافتتاح الذي قصته شركة نتفلكس صاحبة الإعلام الحر.. والمسلسلات والأفلام مدفوعة الاشتراك حسب الطلب.. بعد تجربتها الخوض في تقديم برامجها للمجتمع الهندي والألماني والأسباني.. لتقفز إلى استهداف شريحة جماهيرية عريضة جداً تشترك في لغتها “العربية” وهويتها “الإسلامية”.. لتستفتح أولى مسلسلاتها بتذييل كلمة “أردني”.. وتُجيّش قدراتها الإنتاجية الضخمة لتقديم مسلسل من ٥ حلقات.. بنص غربي.. مترجم إلى واقع عربي.. أو “تريده” للواقع العربي المسلم..
لكل من وقف على خط الحياد.. ولكل من قال لا تكبروا القصة.. ولكل من صاغ كلماته ومصطلحاته ولفلفها بشكل يدعي الاحترافية.. باسم المراجعة الدرامية.. ونقد العمل الدرامي.. والخطوة الإعلامية غير المسبوقة.. الخ الخ..
هذه هي البداية فقط!
هي بداية جديدة لأعمال أكثر فجاجة من مجرد عمليات تجميل وبراطم ومؤخرات الممثلات العربيات…
هي بداية جديدة لمشاهد أكثر استفزازاً من مجرد زوج يخون زوجته أو حبيب يتغزل بحبيبته..
هي بداية جديدة لحوارات أكثر انحطاطاً من لغة أزقة نيويورك.. وهي مترجمة باللغة العربية ومبهرة بسباب وقذف وشتائم رذائل البشر في مجتمعاتنا..
هي مسلسلات قصيرة سريعة تعمل على إيصال كبسولات من “فكرة واحدة” منحطة، يهضمها جيلنا الشاب جيداً.. ويتبرمج/يتربى على أساسها.. واقلب الفكرة اللي بعدها.. عفواً.. المسلسل اللي بعدو!!!
خطورة المسلسل أنه موجه للمراهقين.. (وأغلب مسلسلات نتفلكس موجهة لهم أصلاً).. لأنها أكثر فئات المجتمع هشاشة وغضاضة.. وفي أكثر مراحلها صداماً مع السلطة العليا بالأسرة: الأب والأم.
النداءات بمنع المسلسل أو حظره أو محاسبة منتجيه وممثليه هي نداءات عقيمة.. توو ليت للأسف… كمن يبكي على اللبن المسكوب.. نداءات لن تفعل شيئاً سوى أنها أضعف الإيمان.. ومحاولات لرفع الحرج عن أفراد المجتمع الغيورين على منع انتشار الإباحية..
هل فات الأوان؟ ماذا علينا أن نفعل؟
ثلاث خطوات بسيطة (على مستوى الأفراد).. لكنها مصيرية في تحجيم هذه البداية وما ستجر بعدها من بدايات أخرى قادمة:
١. أنت كأب/كزوج: كُن قدوة. استعد دور القوامة في بيتك.. افهم ما يدور مع أفراد أسرتك.. فليس دورك محصوراً في صراف بنك.. بل كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.. احتوي زوجتك وأحسن إلى علاقتك معها.. لتنعكس علاقتكما على تربية الأولاد.. تعلم دينك بحق وعلمه أولادك (ولا تورثه لهم).. فليس الإسلام دين يورث.. بل هو دين يُوافق الفطرة ويُعتنق بالجوارح. أحسن صحبتهم ولا تقصر دورك على الآمر الناهي لهم.. افهم ما يدور في عقولهم.. ابحث عن احتياجاتهم.. ولا توفر كل شيء لهم. اجعلهم يناقشونك.. يحاورونك.. يتعلمون أساليب الحوار والإقناع.. ثم بين لهم ما الذي يحدث حولهم.. وما الذي يراد بهم في ظل المنصات الإعلامية المتحررة. وضح لهم مصطلح “الإباحية” وكيف أنه معول الهدم الأول لقيم وأخلاق مجتمعاتنا العربية والإسلامية.
(وعلى الماشي:
الإباحية: تعني التحلل من قيود القوانين والأَخلاق. والإباحية: فرقة تُبطل قدرة العبد على اجتناب المنهيات والإتيان بالمأْمورات وتنفي ملكيَّة الفرد ، وتشرك الجميع في الأموال والأزواج (المصدر: معجم لسان العرب والمعجم الوسيط)
٢. أنتِ كأم/كزوجة: كوني قدوة. أصلحي نفسك وطريقة تفكيرك وفهمك لدينك وانعكاسه على أخلاقك وتعاملاتك وطريقة لباسك. افتحي قنوات الحوار مع أبنائك وبناتك (تحدثت عن ذلك في دورتي المجانية أمومة قيادية).. توقفي عن اعتبار المدارس الخاصة والعالمية ذات الهوية الغربية أنها طوق النجاة لأولادك وابحثي عن بدائل تحفظ لهم دينهم الإسلام أولاً، وهويتهم ولغتهم العربية ثانياً، ومبادئهم وفطرتهم السليمة ثالثاً. فالرسول عليه الصلاة والسلام بعث ليتمم مكارم الأخلاق.. وكل مولود يولد على الفطرة.. وأبواه هما من يغيران دينه وعقيدته ومبادئه للأسف.. عندما يتركانه نهبة لليوتيوب والسناب شات ومؤسسات نيتفليكس وتوابعها.
٣. أنا وأنتِ: لنكن قدوة. علينا أن نكون أكثر وعياً.. أن نكون الخط الأخير لهذه المهازل ولا نساعد على انتشارها. ألا ندفن رؤوسنا في التراب.. ولنتعلم عن ديننا أكثر ونعلمه لغيرنا (خيركم من تعلم القرآن وعلمه).. علينا أن نفهم أبعاد ما يحدث وما يراد بنا.. ونرفض جملة وتفصيلاً كل من يدعي أن الأمر هين.. وأن المجتمع مليء بالقبائح والمنكرات.. وأن هذه المسلسلات ليست إلا مرآة شفافة لمراتع عفنة نتجاهلها وننكر وجودها فعلاً..
فهناك فرق بين تسليط الضوء على المشاكل الاجتماعية والمنكرات والرذائل بهدف معالجتها وإيجاد الحلول لها، وبين تسليط الضوء عليها لنشر “الإباحية” وتهوين الأمر على منكريها.. حتى يعتقد الجميع أن هذا هو الأصل.. وعلينا الاستسلام له ليسود المجتمع..
تماماً كفعل آل لوط.. بدأ الأمر بفعل اثنين منهم.. فلم ينكروه في مجالسهم وأحاديثهم.. حتى صار واستفحل بينهم.. فصار اللواط هو قاعدة مجتمعهم.. ومُنكِروه (لوط عليه السلام ومن آمن معه) هم الشاذون عن هذه القاعدة!
على مدى التاريخ.. الملابس كانت تقصر شعرة شعرة.. حتى وصلت إلى البكيني وشواطئ العراة..
وعلى مدى التاريخ.. الأخلاق تنازلنا عنها قيمة قيمة.. حتى وصل الأمر إلى مشاهد وحوارات الفحش على شوارع نيتفليكس العريضة.. فقلنا لها على استحياء: هل استترتِ قليلاً؟
فإن كنا خير أمة أُخرجت للناس.. بأمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر وإيماننا بالله..
علينا أن نعي أنها البداية..
ونكافح بحق..
لنجعلها النهاية لهم باذن الله.




نحن جميعا نعرف أن الهدف من وراء هذا الإعلام الحالي و مواقع الأفلام و المسلسلات هو تحطيم و تمزيق الهوية الإسلامية للأسف و القليل من ينتبه لذلك و هم كما… اقرئي المزيد »
يعني مش عارف شو الهدف من كتابتك عن الموضوع انتي هيك بتساعدي بنشر الباطل !!!! يعني يلي ما كان يعرف عن المسلسل الان بفضلك وبفضل كتير صار يعرف ! أميتو… اقرئي المزيد »
رائعة، كل انسان يستطيع مكافحتهم بتعلم الحق وتعليمه لاسرته ومن حوله واظهار الاستنكار التعديات على الدين والاخلاق، لاأن نصبح مثل الغرب كل له الحرية الكاملة ولا يجد منكرا ناصحا حتى… اقرئي المزيد »
جزاك الله خيرا. …. نعم نحن في رباط إن جاز التعبير .. علينا ان نكون دائما مستعدين لهذه الحملات ضد أجيال شباب المسلمين التي تعد بنظري أشرس من الحملات الصليبية… اقرئي المزيد »