(تنويه: المقال أدناه يتحدث عن حالة شائعة جداً، دون فرض التعميم. خذي ما يفيدك واتركي الباقي)
“أشعر بحالة من الضعف تجاه نفسي وأشعر أني لا أستطيع مسامحة زوجي الذي تزوجته منذ أكثر من خمس سنوات. كلما تقلب مزاجه معي وجافاني حتى بعد أن تعود الأمور لمجاريها، مع أنه يكرمني ويلبي طلباتي ويحسن معاملتي إلا أنه مزاجي وحساس، فحينما ينقلب مزاجه قد يزعل مني ويجافيني لفترة؛ يكلمني ويلبي طلباتي ولكن يبتعد حميمياً، المهم ورغم أن المياه تعود لمجاريها الا أنني أشعر بأن قلبي ملئ تجاهه 😔
هل هذا صحي تجاه الزوج وهل يجب علي أن أسامحه وأغفر له من قلبي وأجد له العذر أنه هكذا عقليته ونفسيته ولا يعرف طريقا آخر؟ يعني لا يجيد التعبير عن مشاعره الحقيقية عندما يزعل مني أو يتضايق؟”
بالأعلى استشارة وصلتني عبر رابط الاستشارات المجاني، وأطرح هذه الاستشارة هنا لأنها مشكلة للأسف شائعة في كل بيت تقريباً..
قد تكون في بداية الزواج.. أوسطه.. أو نهايته.. وربما في مرحلة الخطوبة حتى..
مشكلة أسميها “حوار الطرشان“، لأنه حوار (إذا جاز تعبير الحوار يعني 😒) لا يستمع فيه أحدهما للآخر.. ويتناول كل منهما المشكلة من وجهة نظره هو.. متعجباً ومستنكراً كيف أن الطرف الآخر لا يرى نفس هذه الوجهة ولا يتفهمها!
قد تكون المرأة الزوجة أقدر على التعبير عن جانبها من المشكلة، بحكم إمكانياتها التشريحية والعقلية في التعبير اللغوي والعاطفي..
لكن عندما نأتي للرجل الزوج.. فالأمر يختلف تماماً..
ولستُ هنا في معرض الدفاع عن الرجال أو تخفيف الأحكام عليهم.. ولندع جانباً (مؤقتاً يعني 🤓) رغبتنا العارمة كنساء في التعميم وتنصيب المشانق للآخرين (اللي هم الرجال 😁)..
إنما هي محاولة فلسفية لتقريب وجهات النظر كفاعلة خير ترغب بشدة تقليل كمية الاستشارات الواردة إليها، والتي تحمل نفس المشكلة تقريباً: مشكلة حوار الطرشان 🙉
طيب..
لنعد للأخ إياه (الزوج العزيز).. والذي تحدثت عنه باستفاضة الكاتبة “ماغي هاميلتون” في كتابها الشهير “ما لا يقوله الرجال للنساء“.. أجرت فيه آلاف من لقاءات الفضفضة وكشف المستور من العالم الآخر لهم..
الكتاب باختصار كله على بعضه يتحدث أن الرجل لا يجيد فهم المشاعر ولا التعبير عنها، نقطة 😑
وبرغم أن الاختصار السابق مفجع لنا بما فيه الكفاية، لأنه يحطم كل أحلامنا (كمخطوبات) وآمالنا (كمتزوجات) في الحصول على السكن والأمان والطمأنينة وتوابعها من شريك الحياة.
طيب إذا كان الأمر كذلك.. لماذا سنتزوج طالما أن النتيجة هي صحراء قاحلة مجدبة.. الواحة الوحيدة فيها ستكون الزوجة؟
ومن المجرم المتسبب في هذه الجريمة منتوفة المشاعر؟🤔
للأسف.. وبكل تجرد.. أعود لكِ بنفس روح فاعلة الخير.. لأهمس لك من طيات كتاب ماغي هاميلتون.. بأن المجرم الحقيقي هو نحن كأمهات..
نعم عزيزتي..
أنتِ وأنا كأمهات.. والضغوط النفسية التي مارسناها في أولادنا الذكور ليخرجوا رجالاً.. بحرمانهم من حقهم في التعبير عن مشاعرهم (عيب إنت رجال لا تبكي).. أو التحكم بها بطريقة صحيحة على الأقل.. معتبرات أن الرجولة فيهم هي بالسماح بالغضب والصراخ.. ومد اليد والبوز.. والشخطة والنفترة.. والتحكم في أخواته الإناث. والاستهزاء منهن ومن مشاعرهن على اعتبار أنها نقاط ضعف يجب الضغط عليها واستفزازها لإبراز القوة أكثر.
مرة أخرى: المشاعر.. وعدم الرغبة في تفهمها أو التعبير عنها.. لأنها ببساطة: نقطة ضعف!
الطفل الذكر يرى ويتربى أن الفتاة التي تبكي.. أو تعبر عن نفسيتها.. تتحول لمخلوق ضعيف.. وهو يرفض أن يكون كذلك (عيب.. خليك رجال)..
لذلك يبتلع (حرفياً) أية مشاعر يشعر بها.. ويكتم أية رغبة في التعبير عنها.. ويتوقع المثل من الطرف المقابل..
وهذه الجملة الأخيرة: يتوقع المثل من الطرف المقابل.. هي مربط الفرس.. وهي المتسبب الرئيسي لوباء “حوار الطرشان” إياه 😕
وهذا ليس كلامي، إنما هي خلاصة فلسفات الست ماغي صاحبة الكتاب أعلاه.. التي أجرت اللقاءات مع آلاف الرجال في الغرب.. فليس من المستغرب أن مشكلة رجالنا عندنا في الشرق هي نفسها في الغرب.. وأنها عالمية تقريباً على كوكب الأرض والمريخ أيضاً!
طيب.. ما الذي يحدث عندما يفتقد الزوج للاستجابة العاطفية (فهم المشاعر أو التعبير عنها)؟
ببساطة.. تنقلب الدنيا عند الطرف المقابل (اللي هي أنا وأنتِ).. ونعتبر الأمر أهانة شخصية.. تؤدي إلى الإحباط.. ومن ثم جرح المشاعر..
وندخل في دوامة: إنت يا عديم الإحساس جرحت مشاعري 🤬
وتكبر الدوامة ليصاب الرجل بانفصام شخصي.. يعني يكون طيب وأخلاق وغير مقصر معك.. لكن عند المشاكل والنقاشات.. يلجأ إلى إحدى التكتيكات الانسحابية التالية:
- الصمت
- الهرب
- الهجوم
- الكذب
وجميع التكتيكات أعلاه.. هي survival mode (بالعربي: محاولات للنفاد بجلده).. لأنه ببساطة غير مؤهل.. ولا متربي.. وما عنده أدنى فكرة.. عن كيفية التعامل مع المشاعر..
بمعنى..
بكائك.. صراخك.. دموعك.. رجائك..
هذه كلها حالات تؤدي بزوجك العزيز إلى الذعر panic attack .. كونه لا يعرف كيف يتعامل معها.. لأنه لا يدرك أنه لا بأس في أن تعبري عن مشاعرك.. لأنه لا يتوقع منكِ أن تعبري أصلاً عنها (تذكري مربط الفرس أعلاه👆🏻).
مرة أخرى.. عند الصمت.. أو الهرب.. أو الهجوم.. أو الكذب… تأخذها كلها الزوجة بشكل: شخصي.. مؤدي للإحباط.. ويجرح مشاعرها.. ثم الخصام والزعل ومد البوز!
وتستمر كرة الثلج في التدحرج لتكبر.. وتكبر.. وتكبر!!!
إذن ما الحل؟
كيف نوقف هذه الكرة عن التدحرج؟
مبدئياً.. هناك بعض الطرق الإيجابية للتعامل مع جذور المشكلة:
- بأن تدوني كل ما يتحدث عنه الزوج (في حالة الهجوم أو الكذب)
- وأن تدوني كل ما يصمت حياله (في حالة الصمت أو الهروب)
لماذا التدوين؟
لأنه يكشف صورتك أنتِ أولا في هذه المناوشة.. ودوركِ أنتِ ابتداء في إشعالها أو إخمادها..
ومن ثم.. يكشف لكِ بالتحديد.. متى بالضبط.. لجأ زوجك إلى تكتيك الانسحاب.. لتضعي يدك تماماً على اللحظة الفارقة.. التي بدأ بعدها مباشرة: حوار الطرشان 🙉
يقول ستيفن كوفي مؤلف كتابه الشهير: “العادات السبع للأسر الأكثر فعالية”:
“الأرض أمامنا مغطاة بشظايا علاقات محطمة،
لأولئك الذين حاولوا إنشاء علاقات فعّالة،
دون اكتساب شخصية قوية وناضجة تساعدهم في الحفاظ عليها”
نعم..
إن كانت علاقتك تستحق.. فتحتاجين لأن تكتسبي تلك الشخصية القوية والناضجة لتحافظي عليها..
تحتاجين لتعلم الاستماع الفعّال.. وبعض الكلمات السحرية التي تؤثر إيجابياً في أي جدال..
لأن الحياة تختلف..
عندما نعرف بالتحديد ما هو المهم فيها..
لنفعله ونقوم به..
ولكن..
لذلك حديث آخر..
فكوني بقرب ❤️
بغض النظر عن التربيه ،نحن والرجال لاننظر للموضوع بنفس وجة النظر وليس كل الامهات قاسيات عاى حد قول لا يجوز التعميم هناك اختلاف في سيكولوجية التفكير نحن لا نتشابه
جميل جدا فعلا نحن دفعنا ثمن غلطات السابقين وجب الان ان نستفيق حتى نقضي على الظاهرة لكن كيف اربي ابني بين الرجولة و العاطفة
رائعة حقا استاذة خلود ….
سلمت يمينك استادة خلود ادا كان الزوج فاتو قطار التعديل والاصلاح والزوجة تحاول ان تربي ابنها على التعبير عن مشاعره لانها وعت ولله الحمد بعد متابعتك فكيف لها دلك والزوج… اقرئي المزيد »
ربي يسعدك حليتي مشكله لي مستعصيه.. بدأت منذ قرابة السنه… بالرغم اني كنت فاهمة زوجي مثل ماتقولي.. لكن الحل غائب عني… انار الله بصيرتك وجزاك الله خير