ملحوظة: هذا المقال هو تتمة لمقالي السابق: رومانسية الحب بين الحقيقة والوهم
تحدثنا سابقاً في مقدمة خفيفة مبسطة حول الحب..
لماذا يحدث وكيف يحدث..
اممم.. ربما لم نتحدث عن “كيف يحدث” بعد..
هذه المقالة قد تكون خارجة عن المألوف.. وقد تكون مملة لمن اختارت تخصص “الأدبي” في دراستها الثانوية..
لكن لا بأس من بعض الثقافة العامة التي تتعلق بكيمياء الدماغ..
الحب يا عزيزتي.. لا علاقة له حرفياً بمشاعرك ولا الالتقاء بنصفك الثاني على وجه الكرة الأرضية..
بل هو عبارة عن حفلة من العوامل الكيميائية التي يستضيفها دماغك مجبراً في تلك اللحظة التاريخية (وما يليها من مشاكل وهموم وأوجاع قلب بالطبع)..
هناك بالتحديد ثلاثة هرمونات تتفق أنها تتواجد في نفس لحظات المشاعر التي تسمى بالحب..
أولها هرمون الدوبامين..
وهو من أحد أهم الهرمونات التي أثبتت الأبحاث العلمية أنه يتحكم في حالتك المزاجية بشكل عام.. ويؤثر على الاهتمام والتحفيز والإدمان..
والكلمة الأخيرة بالذاااات.. لابد أنها ضربت وتراً حساساً لدى الكثيرات 😉
هل تذكرين مقالي: أعيش مع زوج وأحب آخر؟
ومقالي: إدمان حبيب الإنترنت؟
وحتى مقالي: في رحلة البحث عن موناليزا
ركزي جيداً لأنها جميعها تشترك في عامل كبير: الإدمان
إدمان العلاقة مع شخص.. واعتقادنا أننا لا نستطيع أن نعيش أو نهنأ عيشاً بدونه!
طيب.. ما علاقة الدوبامين بالموضوع؟
الأمر بكل بساطة أن الوقوع في الحب، أو مشاعر الغرق في الحب، أو التواجد بجوار شخص ما “نحبه”.. أشبه بتناول عقار إدمان مثل الكوكايين.. لأن هرمون الدوبامين يغرق الدماغ.. فينتشي غبطة.. ولا يستطيع الانتظار للحصول على الجرعة التالية من النشوة والسعادة..
هذا ما يفسر تعلق الحبيب بمحبوبه واعتماد “سعادته” على تواجده بجواره: إنه ببساطة غرق الدماغ بالدوبامين!
ثاني الهرمونات التي تقبع خلف كواليس الحب:
هرمون النورأدرينالين
وهو له تأثير مشابه للدوبامين، من نشر مشاعر البهجة والانتشاء المصاحبة للحب: دقات القلب السريعة.. حمرة الوجنتين.. دغدغات فراشات البطن.. الخ
لكنه على الصعيد الآخر له تأثيرات سلبية: إذ أنه يؤثر على النوم فلا يستطيع المحب أن يغط في نوم عميق كالأيام الخوالي.. وتبدأ حالات الأرق والسهاد وعد الغنمات والنجوم على السقف!
كما يؤدي الهرمون إلى فقدان الشهية.. وترك أغلب ما في الصحن.. بسبب إفرازه المستمر مع حالة الحب!
هرموننا الأخير المصاحب لهذا المهرجان الكيميائي هو
هرمون السيروتونين
هو بالمناسبة شريك أيضاً في جريمة الأرق والتفكير المستمر بالمحبوب.. ولكن بشكل عكسي!
بمعنى..
أن ارتفاع مستويات هرمون الدوبامين والنورإبينيفرين في حالة الحب، يؤدي إلى انخفاض في مستويات السيروتونين كنتيجة مقابلة، وهذا الانخفاض هو ما يسبب الهاجس.. والبحث المستمر عن المحبوب والقلق حوله والشوق للقائه!
وهو نفس الوصف الدقيق الذي وُصفت به امرأة العزيز في قوله تعالى:
“وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ ۖ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا ۖ إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ” (يوسف، ٣٠)
يا لشماتة النساء ببعضهن.. واستنكارهن للافتتان بالحب..
مع أنهن وقعن في نفس ما وقعت به امرأة العزيز.. من حفلة كيميائية دماغية أصابتهن.. فقطّعن أيديهن بلا شعور!
ما سبق كله.. هو لمحة خاطفة من كواليس حصة الأحياء التي سجلتِ فيها غياب يا عزيزتي!
طيب.. هذه الحفلة أعلاه تتعلق بالحب الرومانسي.. الناعم.. الذي ينضج ويتم طبخه بهدوء.. عبر تعارف ما..
لكن ماذا عن درجات الحب الأخرى.. درجات الوله أو العشق أو الشهوة؟
عندما يرتبط الحب بالرغبة الجنسية.. فهو ناتج عن ارتفاع معدلات هرمون التستوستيرون (هرمون الذكورة)..
وهو هرمون متواجد في كلا الجنسين بالمناسبة.. ولكن بمعدلات أعلى بكثير عند الرجل مقارنة بما عند المرأة.
وهذا يعني.. أن رغبة الوصال.. عندما تحدث (بارتفاع معدل الهرمون).. فإنها تكون عارمة.. كاسحة.. بسبب طبيعة هذا الهرمون الذي تحدثت عنه باستفاضة مسبقاً في مقالي: معادلة طاقة الأنوثة والذكورة
وهناك درجة حب أخرى.. تتعلق بالارتباط.. أو التعلق بالمحبوب..
فشعور المحب بالسعادة الاطمئنان والراحة.. برفقة المحبوب.. سببه ارتفاع مستويات إفراز هرمونين اثنين:
هرمون الفازوبريسين وهرمون الأوكسيتوسين
هذين الهرمونين بالذات، هما أكثر الهرمونات المرتبطة طبياً في التسبب بمشاعر السعادة والارتياح لدى إفرازهما معاً..
وهو ما يتحقق بجلسة دافئة مع سحلب بالقرفة.. بجوار المحبوب!
كل ما سبق هي مواعظ بيولوجية جميلة لن يتذكرها أحد عند الوقوع في الحب..
أين المشكلة إذن؟
المشكلة يا عزيزتي.. أن الحفلة أعلاه.. هي متتالية لا تتوقف.. وكل عنصر فيها يتبع الآخر..
بمعنى..
أن المشاعر الحساسة المرهفة لدغدغات الحب.. والتي بدأت مع ارتفاع مستويات هرمون الدوبامين والنورأدرينالين، قد تحفز إنتاج هرمون التستوستيرون..
وعلى العكس أيضاً..
الرغبة الجنسية.. المرتبطة بزيادة معدلات التستوستيرون… قد تتحول لاحقاً إلى حب رومانسي وردي بزيادة معدلات هرمونات الحب الرومانسي!
وبعدين؟
ماذا يفيدنا ذلك كله..؟؟ 🤔
قبل أن أجيبك..
أريدك أن تفكري في الحب الرومانسي البرئ الذي يبتدئ على صفحات الفيسبوك..
أو الحب الذي انتهى.. وتحولت الحياة بعده إلى جحيم مقيم 💔
أو فكري بالحب العاصف الذي يعصف ببعض الأزواج مع عشيقاتهن..
من نزوة عابرة.. إلى حب رومانسي..
أو من حب رومانسي.. إلى الرغبة في الوصال!
وربما أريدك أن تفكري..
بالحب الرمادي.. الممجوج.. الذي لا لون له ولا طعم ولا رائحة..
الذي ظلل أجواء البيت..
فهربت كل أنواع الحب الأخرى من الشبابيك..
فماذا تفعلين؟
هل من حل؟🤔
بالطبع هناك حل..
لكن بعد أن نشرب فنجاناً آخر من السحلب بالقرفة 😌💕
جزاك الله خيرًا
لكن أين التتمة
كنت اتمني اشترك معكم في دوره فيستيفال…الحمد لله ولكن استاذه خلود هل سيكون منها اي فيديوهات علي اليوتيوب
حبيت المقال ومستنية التممة تبعته
أثار انتباهي في هذا المقال جملة :الحب الذي يعصف بالزوج مع عشيقته.اريد رأيك أستاذة هل يستمر (خصوصا وان الزوج تزوج بعشيقته)ويصبح الزواج ناجحا .هذه الحالة موجودة في عائلتي والزوجة حائرة… اقرئي المزيد »
والحل؟؟؟
اوووه ما ألذ السحلب بالقرفة خصوصاً في أجواء الشتاء… فعلا راائع نكتشف هالتفاعلات الكيميائية العجيبة اللي عم تتحكم ب!!جزء!! كبير من حياتنا… لكن بالتأكيد لن تتحكم بحياتنا كلها.. أنا متشوقة… اقرئي المزيد »
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اعجبني المقال جدا واحببت التحدث بنقطة لا اعرف هل لها دخل بالمقال ام لا علاقة الفطور العاطفي بين الزوجين تكون لاسباب عدة اولا: يكون احد… اقرئي المزيد »
متشوقة لمعرفة الحل
أعجبني جداً مقالك…. وأتابعه بشغف.. لكن بغض النظر عن التحليلات والتفسيرات أنا من المؤمنين جداً بالحب ولكن الحب البرئ او الصادق و الدائم الحين صار الحب جنسي الغرض منه ملئ… اقرئي المزيد »
ما بحب السحلب بالقرفة. هههه . هاتي
كملي
الحب إن كان موجود لكن بشكل عفيف جدا لم يصل إلى الاعتراف حتى، لشخص كان معي بالعمل، ثم تركه من عدة شهور، يمنعني من إفصاح ذلك الحب او الإعجاب قيمي… اقرئي المزيد »
كنت أنتظر بفارق الصبر، معرفة ما هي التغيرات التي تحدث وتكون سبب في حدوث الشعور بحالة الحب الذي اسميته وهم الحب. لكنني الآن أصبحت في حيرة أكبر بين تعريف مسمي… اقرئي المزيد »