تزوجنا من سنتين وعندنا طفل، احب زوجي جدا لكن دوما أشعر بالخوف من فقدانه والخوف من خيانته لي علما أنه خلوق ويخاف الله لكن دوما اخاف ميله لغيري واجعله محور حياتي وكل همي كيف أسعده واهتم به بغض النظر عني، دوما ابحث كيف ارعاه وابتغي به وجه الله، لكن هذا لا يريحني لأني أشعر أنه يأخذ مني أكثر من اللازم، لكن بنفس الوقت لا أعلم الحد الذي أوقف عطائي له!
هو جدا يحترمني ويقدرني رحيم حنون وسند لي. كيف أكون معتدلة معه؟ كيف لا أبدو مملة معه؟
أشعر بالتشويش حقا!
في مجتمعاتنا، كثيراً ما تتربى الفتاة منذ نعومة أظفارها على أدوار محددة، تتعلق بمستقبلها المرتبط بالزفاف والعريس وتأسيس أسرة وأطفال.. فتعيش خيالاتها المرتبطة برجل ما.. يتزوجها.. ويحبها.. ويقدرها.. ويصرف عليها.. وووو.. الى آخر هذه التخيلات التي غذتها جميع القصص الطفولية وأفلام الديزني المتعلقة بنهايات الزواج السعيد بين البطل والبطلة.
والمشكلة ليست في أن تتربى الفتاة على تأسيس أسرة، فبناء الأسرة الصالحة هو ما يتوجه إليه ديننا الرائع في كل أصوله وفروعه.
لكن المشكلة للأسف، هي في تكريس المجتمعات الاعتقاد لدى الفتيات، بأن نجاح أو فشل هذه الأسرة متعلق بها وحدها، وفقط!
هذا الاعتقاد، الذي يشمل التعليقات، والوشوشات، والمقارنات، والاتهامات، والإشعار بالذنب، بشكل مستمر، وضاغط على الأعصاب، مما يجعل الفتاة في هواجس مستمرة.. في أن زواجها.. هو التعبير الوحيد لنجاحها أو إخفاقها في الحياة: كزوجة، كأم.. كامرأة! وبالتالي تصبح نظرتها إلى هذا الزوج على أنه ”بوابة الحياة“ و“كارت الوصول“ الى شهادة النجاح الشخصية، التي تؤيدها النظرة المجتمعية حولها!
لهذا مشكلتك يا عزيزتي تتمحور في إيمانك بأنك شخص مكرم، يستحق التقدير لذاتك، وهو ما لن يأتي من فراغ، إنما يأتي بتقديم ما تحبينه لنفسك أولاً..
أو لم يقل الرسول عليه الصلاة والسلام ”لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه“؟
فلماذا علمونا وبصّمونا وحفظونا أن علينا محبة الآخرين.. والتقديم لهم..
لكن لم يأت أحد ليعلمنا كيف نحب ذواتنا أولاً؟
لو سألتك: هل تحبين نفسك؟
لو احترتِ في جوابك.. فأنتِ على الأغلب لم تجربي حب ذاتك وتقديرها..
ولا أتحدث هنا عن الغرور أو الكبر أو الاستعلاء أو الأنانية الفجة التي عجّت بها السوشيال ميديا: يا تعيشي لنفسك وبس 😒!!!!!
إنما أتحدث عن ثقة حقيقية.. نابعة من قوة داخلية تستند إلى احترامك لذاتك..
احترام الذات.. واخدة بالك؟
كم ندفع ثمناً باهظاً في سبيل استجداء هذا الاحترام.. حينما نبحث عنه في وجوه الآخرين وردود أفعالهم..
وكم يكون الثمن استثماراً حقيقياً.. حينما يكون نابعاً فقط.. وفقط.. من دواخلنا!
بقدر ما تقدمين عزيزتي.. سواء لزوجك أو لغيره.. فعليكِ أن تقدميه ابتداء من احترامك لذاتك..
وهذا الاحترام.. يحتاج لشطر لا بأس به من حياتنا لتعلمه واكتسابه تدريجياً..
واختصرها لكِ:
بأن كل مبذول رخيص.. هذه هي قاعدة بشرية لا تتبدل..
كلما بذلتِ.. كلما زهد الآخر فيكِ.. وكلما تسللت ظلال الاستغلال من بين شقوق طيبتك المفرطة..
وكلما وازنتِ هذا البذل:
١. فيكون نابعاً من ترتيبك لأولوياتك وحاجاتك ومشاعرك (تعلمي اكتشافها والتعامل معها)..
٢. ويكون لأجل تحقيق مصلحة لكلا الطرفين..
٣. وألا يتعارض مع طاقاتك وإمكانياتك..
٤. والأمر الأخير والأهم: أنه لا يشوبه شبح الاستغلال أو الاستنزاف على المدى الطويل..
وهو ما يحتاج منكِ أن تفكري دائماً حينما تقدمين في أن تسألي نفسك:
ما هي مصلحتي العاجلة الآن في العطاء؟
وما هي مصلحتي الآجلة لهذا العطاء بعد ٥ أو عشر سنوات من الآن.. في حال التكرار والتكرار والتكرار.. بنفس النمط الحالي!!!!!
ودوّني استنتاجاتك.. وغيري استراتيجياتك من حين إلى حين 😉